قال ابن إسحاق: (ولما بلغ أشدَّه، راودته التي هو في بيتها عن نفسه، امرأة العزيز).
وقوله: ﴿وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ﴾ - قال ابن جرير: (يقول: وغلقت المرأة أبواب البيوت عليها وعلى يوسف، لما أرادت منه وراودته عليه، بابًا بعد باب).
وقوله: ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾ - أي: هَلُمَّ لك، وادن، وتقرب، تدعوه للوقوع بها. ومن أقوال أهل التأويل:
١ - قال ابن عباس: (﴿هَيْتَ لَكَ﴾، تقول: هلمّ لك). وقال السدي: (هلم لك، وهي بالقبطية).
٢ - وقال مجاهد: (﴿هَيْتَ لَكَ﴾، قال: لغة عربية، تدعوه بها). أو قال: (لغة بالعربية، تدعوه بها إلى نفسها). وقال ابن زيد: ﴿وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾، قال: هلمَّ لك، إليّ).
٣ - وقال أبو عبيد: كان الكسائي يحكيها، يعني: هيت لك. قال: (وقال: وهي لغة لأهل حوران وقعت إلى الحجاز، معناها: تعال).
٤ - وعن قتادة قال: كان عكرمة يقول: (تهيأت لك). فأصلها عند بعضهم: "وقالت هِئْتُ لك" - أي: تهيأت لك. وفي قراءة أهل المدينة ﴿هِيْتَ لَكَ﴾، وبعض المكيين: ﴿هَيْتُ لَكَ﴾، وبعض البصريين ﴿هَيْتِ لَكَ﴾. وأرجح القراءات المشهورة ﴿هَيْتَ لَكَ﴾.
قلت: وكل ما سبق يفيد في مفهوم دعوة امرأة العزيز يوسف عليه السلام إلى نفسها للوقوع بها، وقد تهيأت له وتجمّلت على أحسن حال.
وقوله: ﴿قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ﴾ - أي: هو ردّ يوسف عليه الصلاة والسلام إذ دعته المرأة إلى الفاحشة فأجاب بقوله: معاذ الله، أي: أعتصم بالله وأستجير به ليحميني من الوقوع والزلل.
وقوله: ﴿إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾ - أي يقول: إن صاحبك وزوجك سيدي قد أحسن منزلتى وأكرم إقامتي وائتمنني في بيته فلا أخونه في أهله.
قال مجاهد: (﴿إِنَّهُ رَبِّي﴾، قال: سيدي، يعني زوج المرأة).