وأمر زوجته أن تستغفر ما صدر منها فإنها كانت من الخاطئين.
فعن قتادة: (﴿وَاسْتَبَقَا الْبَابَ﴾، قال: استبق هو والمرأة الباب، ﴿وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ﴾). وقال ابن إسحاق: (لما رأى برهان ربه، انكشف عنها هاربًا، واتبعته فأخذت قميصه من دبر، فشقّته عليه).
وعن مجاهد: (﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا﴾، قال: سيدها زوجها، ﴿لَدَى الْبَابِ﴾، قال: عند الباب).
قال ابن كثير: (يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يستبقان إلى الباب، يوسفُ هاربٌ، والمرأة تطلبُه ليرجع إلى البيت، فلحِقته في أثناء ذلك، فأمسكت بقميصه من ورائه فَقَدَّته قدًّا فظيعًا، يقال: إنه سَقَطَ عنه، واستمر يوسف هاربًا ذاهبًا، وهي في إثره، فألفيا سَيِّدها - وهو زوجها - عند الباب، فعند ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها وكيدها، وقالت لزوجها مُتَنَصِّلَة وقاذِقَةً يوسفَ بدائها: ﴿مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا﴾، أي: فاحشة، ﴿إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ﴾، أي: يُحْبَسَ، ﴿أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾، أي: يُضربُ ضربًا شديدًا موجعًا).
وقوله: ﴿قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي﴾ - قال النسفي: (ولولا ذلك لكتم عليها ولم يفضحها). أي: لما قذفته امرأة العزيز، وأوقعته في الشبهة باتهامه، وعرضته للسجن والعذاب، انتصر للحق ودافع عن نفسه.
وقوله: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ - الصواب (١) أنه كان مستشارًا للعَزيز.
قال أبو جعفر النحاس: (والأشبه بالمعنى - والله أعلم - أن يكون رجلًا عاقلًا حكيمًا شاوره الملك فجاء بهذه الدلالة).
وقوله تعالى: ﴿إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾.
قال ابن إسحاق: (قال: أشهد إن كان قميصه قُدّ من قُبل لقد صدقت وهو من الكاذبين. وذلك أن الرجل إنما يريد المرأة مقبلًا، ﴿وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾، وذلك أن الرجل لا يأتي المرأة من دبر).