عكرمة قال: (أي: بعد حقبة من الدهر). وعن مجاهد: (أنه قرأ: ﴿وادّكر بعد أَمَهٍ﴾) - والأمَهُ: النسيان.
قال ابن عباس: (لم يكن السجن في المدينة، فانطلق الساقي إلى يوسف فقال: ﴿أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ﴾، الآيات).
وقوله تعالى: ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.
قال قتادة: (أما السمان فسنون منها مخصبة، وأما السبع العجاف، فسنون مجدبة لا تنبت شيئًا). والعجاف جمع عَجْفاء، وهي المهازيل.
قال ابن جرير: (قوله: ﴿وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾، أما الخضر فهي السنون المخاصيب، وأما اليابسات فهن الجُدُوب المحول. وقوله: ﴿لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾، يقول: أي: أرجع إلى الناس فأخبرهم. يقول: ليعلموا تأويل ما سألتك عنه من الرؤيا).
فعند ذلك أفاض يوسف عليه الصلاة والسلام مما علَّمه الله تعالى من تعبير الرؤيا من غير تعنيف لذلك الفتى الذي نسيَ ما وصّاه به، ومن غير اشتراطٍ للخروج قبل ذلك (١)، بل قال: ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ﴾ أي: تزرعون هذه السبع السنين كعادتكم، وفيها يأتيكم الخِصْبُ والمطر. قال ابن كثير: (فَفَسَّر البقر بالسنين، لأنها تثير الأرض التي تُسْتَغَل منها الثمرات والزروع، وهُنَّ السنبلات الخضر. ثم أرشدهم إلى ما يعتمدونه في تلك السنين فقال: ﴿فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ﴾، أي: مهما استغللتم في هذه السبع السنين الخِصْبَ فاخزِنُوه في سنبله، ليكون أبقى له وأبعدَ عن إسراع الفساد إليه، إلا المقدارَ الذي تأكُلونه، وليَكُنْ قليلًا قليلًا لا تُسْرفوا فيه، لتنتفعوا في السبع الشداد، وهنَّ السبع السنين المُحْل التي تعقب هَذه السبع مُتواليات، وهن البقرات العجاف اللاتي يأكُلن السمان، لأن سِني الجَدْب يُؤْكَلُ فيها ما جمعوه في سِني الخِصْب، وهُنَّ السنبلات اليابسات. وأخبرهم أنهنَّ لا يُنْبِتْنَ شيئًا، وما بذروه فلا يرجعون منه إلى شيء).

(١) وإن كان الأولى عدم إخبارهم بذلك العلم عن تفسير الرؤيا حتى يرفعوا عنه الظلم ليخرج، كما سيأتي من حديث النبي - ﷺ -.


الصفحة التالية
Icon