وهو قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾. قال قتادة: (﴿مِمَّا تُحْصِنُونَ﴾: مما تدخرون). وقال ابن عباس: (تخزنون) أو قال: (تحزرون).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾.
أي: بشّرهم بعد ذلك القحط والجدب بعام مطر وغيث ونماء، تُغِلّ فيه البلاد ويعصر الناس ما كانوا يعصرون على عادتهم، من زيت ونحوه، وسُكّر ونحوه.
قال قتادة: (﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ﴾، قال: فيه يغاثون بالمطر). وعن ابن عباس: (﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾، قال: الأعناب والدُّهْن). وقال أيضًا: (﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾، السمسم دهنًا، والعنب خمرًا، والزيتون زيتًا). أو قال: (يصيبهم غيث، فيعصرون فيه العنب، ويعصرون فيه الزيت، ويعصرون من كل الثمرات). وقال أيضًا: ﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾، قال: فيه يحلبون). فدخل في ذلك أيضًا حلْب اللّبن. وهناك قراءة لأهل الكوفة: ﴿وفيه تَعْصِرون﴾.
٥٠ - ٥٣. قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)﴾.
في هذه الآيات: طَلَبُ الملك إحضار يوسف عند سماعه روائع التأويل، واعتِذارُ يوسف عن الخروج حتى تُظهر براءته، ودعوة الملك النسوة وامرأة العزيز لإظهار الحقيقة، واعتراف امرأة العزيز ببراءة يوسف وزلل نفسها الأمارة بالسوء، والله غفور رحيم.