وفي لفظ: [لو كنت أنا لأسرعت الإجابة وما ابتغيت العذر].
وقوله: ﴿إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ﴾ - قال النسفي: (أي: إن كيدهن عظيم لا يعلمه إلا الله وهو مجازيهن عليه).
وقوله: ﴿قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ﴾.
أي: فلما رجع الرسول إلى الملك برسالة يوسف دعا الملك النسوة المقطعات أيديهن ودعا امرأة العزيز ثم قال لهن ما شأنكن إذ راودتن يوسف عن نفسه؟ هل وجدتن منه ميلًا إليكن؟
وقوله: ﴿قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ﴾.
أي: أجابت النسوة الملك: حاش لله أن يكون يوسف متهمًا، وما عهدنا عليه من سوء.
وقوله: ﴿قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾ - من الحَصِّ: استئصال الشيء.
أي: فعند ذلك قالت امرأة العزيز الآن ظهر الحق وتبين. قال ابن عباس: (﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾، قال: تبيَّن). وقال ابن إسحاق: (قالت راعيل امرأة إطفير العزيز: ﴿الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ﴾، أي: الآن برز الحق وتبيّن، ﴿أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾، فيما كان قال يوسف ممّا ادّعت عليه).
وقوله: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾.
هو من كلام امرأة العزيز - وقيل من كلام يوسف (١)، أي: رددت الرسول ليعلم الملك براءتي وليعلم العزيز أني لم أخنه في زوجته في غيابه - والأول أليق بالسياق، وأنسب لتتابع أحداث القصة. فالمعنى: قالت امرأة العزيز: إني أعترف أني أنا الذي راودته عن نفسه وزللت، ليعلم زوجي أني لم أخنه بارتكاب المحذور الأكبر، وإنما راودت هذا الشاب مراودة فامتنع، فلهذا اعترفت ليعلمَ أني بريئة ولم يقع ما كان يُتوقع.
وقوله: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾ - قال القرطبي: (معناه أن الله لا يهدي الخائنين بكيدهم).

(١) واختاره ابن جرير وابن أبي حاتم، وقيل أراد: ليعلم الله أني لم أخنه، لأن المعصية خيانة. وما رجحناه أنه من كلام امرأة العزيز أشهر وأنسب بسياق القصة، واختاره ابن كثير.


الصفحة التالية
Icon