قال الفضيل بن عياض: (أخلصه وأصوبه) - وأخلصه أن يكون خالصًا لوجه الله تعالى. وأصوبه: أن يكون على السنة. لذا لما قيل: يا أبا علي: ما أخلصه وأصوبه؟ قال: (إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا، فالخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة).
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى، في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند حسن، عن أبي سعيد مرفوعًا: [ألا أخبركم بما هو أخوفُ عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال الشرك الخفي: يقوم الرجل فيصلي فيزيِّنُ صلاته، لما يرى من نظر رجل] (١).
الحديث الثاني: أخرج البيهقي وابن خزيمة من حديث محمود بن لبيد قال: [خرج علينا رسول الله - ﷺ - فقال: أيها الناس، إياكم وشرك السرائر، قالوا: يا رسول الله وما شرك السرائر؟ قال: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه. فذلك شرك السرائر] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده: [أنه قال للنبي - ﷺ -: والله يا رسول الله ما أتيتك إلا بعدما حلفتُ عدد أصابعي هذه: أن لا آتيك. فبالذي بعثك بالحق، ما الذي بعثك به؟ قال: الإسلام. قال: وما الإسلام؟ قال: أن تُسلم قلبك لله، وأن توجِّهَ وجهك إلى الله، وأن تصلي الصلوات المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة] (٣).
وقوله: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ﴾.
قال السدي: (استعمله الملك على مصر، وكان صاحبَ أمرها، وكان يلي البيعَ والتجارة، وأمرها كله). وعن مجاهد قال: (أسلم الملك الذي كان معه يوسف).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن (٢/ ٢٩٠)، وهو حديث حسن. وانظر فتح المجيد (٤٤٠).
(٣) حديث حسن. أخرجه أحمد في مسند البصريين (١٩١٧١) من حديث بهز عن أبيه عن جده مرفوعًا. وانظر كتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ٤٩٧) لتفصيل هذا البحث.