وقوله: ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾.
أي: فلن أغادر هذه البلدة حتى يسمح لي أبي بالرجوع إليه، أو يحكم الله لي بأخذ أخي بالسيف أو بتمكيني من ردّه، أو بما يشاء سبحانه وهو خير الحاكمين.
قال ابن إسحاق: (﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ﴾، التي أنا بها اليوم، ﴿حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي﴾، بالخروج منها). وعن أبي صالح: (﴿أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي﴾، قال: بالسيف) - وكأنه أراد حربهم وتخليص أخيه من بين أيديهم. قال ابن جرير: (﴿أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي﴾، أو يقضي لي ربي بالخروج منها، وترك أخي بنيامين، وإلا فإني غير خارج، ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾، يقول: والله خير من حكم، وأعدل من فصل بين الناس).
وقوله تعالى: ﴿ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَاأَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾.
أي: عودوا إلى أبيكم - وأنا في انتظاري هنا - فأخبروه بصورة ما وقع ليكون لنا عذرًا عنده. قال مجاهد: (﴿وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ﴾: ما كنا نظن ولا نشعر أنه سيسرق). وقال قتادة: (ما كنا نظن أن ابنك يسرق).
وقوله تعالى: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾.
قال ابن عباس: (﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾، يعنون مصر). وعن ابن إسحاق: (﴿وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾، فقد علموا ما علمنا وشهدوا ما شهدنا، إن كنت لا تصدقنا، ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾).
قال ابن جرير: (﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾، وهي مصر، يقول: سل من فيها من أهلها، ﴿وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا﴾، وهي القافلة التي كنا فيها، التي أقبلنا منها معها، عن خبر ابنك وحقيقة ما أخبرناك عنه من سَرَقهِ، فإنك تَخْبُرُ مصداق ذلك، ﴿وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾، فيما أخبرناك من خبره).
٨٣ - ٨٧. قوله تعالى: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٨٣) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (٨٤) قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ