وقوله: ﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾.
أي: إنه من يجمع بين التقوى والصبر على المحن وعلى طاعة الله فإن الله يحفظ ذلك له، ويبادله بالإحسان الإحسان.
قال مجاهد: (﴿إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ﴾، يقول: من يتق معصية الله، ويصبر على السجن).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾.
هو اعتراف إخوة يوسف له بالفضل والرفعة والأثرة عليهم في الخَلْق والخُلُق، والسَّعة، والملك، والتصرف والنبوة. قال قتادة: (﴿تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾، وذلك بعدما ما عرَّفهم أنفسهم. يقول: جعلك الله رجلًا حليمًا).
وعن السدي قال: (لما قال لهم يوسف: ﴿أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي﴾، اعتذروا إليه وقالوا: ﴿تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾، فيما كنا صنعنا بك).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.
قال ابن إسحاق: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾ أي: لا تأنيب عليكم اليوم عندي فيما صنعتم).
وعن السدي قال: (اعتذروا إلى يوسف فقال: ﴿لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ﴾، يقول: لا أذكر لكم ذنبكم). قال ابن جرير: (يقول: لا تعيير عليكم، ولا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة وحق الأخوة، ولكن لكم عندي الصفح والعفو).
قال ابن كثير: (يقول: لا تأنيبَ عليكم ولا عَتْب عَليكُم اليوم، ولا أعِيدُ ذنبكم في حقي بعد اليوم. ثم زادهم الدعاء لهم بالمغفرة فقال: ﴿يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾).
وقوله تعالى: ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ﴾.
قال السدي: (قال لهم يوسف: ما فعل أبي بعدي؟ قالوا: لما فاته بنيامين عمي من الحزن. قال: ﴿اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ﴾).
قلت: وهذا بلا شك من النبوة، فإن يعقوب - عليه السلام - كان قد عمي من كثرة


الصفحة التالية
Icon