يعقوب - ﷺ -. وقد أمر الملك أمراءه وأكابر الناس بالخروج والمشاركة باستقبال موكب والدي يوسف وعائلته، فكان الاستقبال الرائع من يوسف لأبويه ودخلوا مصر بإذن الله آمنين. ورفع يوسف أبويه على سريره وخرّوا له سجدًا، وأخبرهم حصول تأويل رؤياه في هذا المشهد الرهيب بعد رحلة شاقة طويلة بين السجن والغربة وفراق الأبوين ونزغ الشيطان بينه وبين إخوته، والله لطيف في تقديره وهو العليم الحكيم.
فعن السدي قال: (فحملوا إليه أهلهم وعيالهم، فلما بلغوا مصر، كَلَّم يوسف الملك الذي فوقه، فخرج هو والملوك يتلقَّونهم، فلما بلغوا مصر قال: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾، ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾).
وعن ابن إسحاق: (﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ﴾، قال: أباه وأمه).
وقوله: ﴿وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ - قال ابن كثير: (ما المانع أن يكون قال لهم بعدما دخلوا عليه وآواهم إليه: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ﴾، وضمَّنه: اسكنوا مصر؟ ﴿إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾، أي: مما كنتُم فيه من الجَهْد والقَحْطِ، ويُقال - والله أعلم - إن الله تعالى رَفَع عن أهل مصر بقية السنين المجدبة ببركة قُدوم يعقوب عليهم. كما رفع بقية السنين التي دعا بها رسول الله - ﷺ - على أهل مكة حين قال: "اللهم أعني عليهم بسَبْعٍ كسَبْعِ يوسف" (١)، ثم لما تضرعوا إليه واستشفعُوا لديه وأرسلوا أبا سفيان في ذلك، فدعا لهم، فَرُفِعَ عنهم بقيةُ ذلك ببركة دعائه عليه السلام).
وقوله: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾.
قال مجاهد: (العرش: السرير). وقال ابن زيد: (﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ﴾، قال: مجلسه). والمقصود أن يوسف رفع أبويه على السرير، أي: أجلسهما معه على سريره. وعن ابن عباس: (﴿وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا﴾، يقول: رفع أبويه على السرير وسجدا له، وسجد له إخوته).
وقال ابن إسحاق: (تحمّل - يعني يعقوب - بأهله حتى قدموا على يوسف، فلما اجتمع إلى يعقوب بنوه، دخلوا على يوسف، فلما رأوه وقعوا له سجودًا، وكانت تلك تحية الملوك في ذلك الزمان، أبوه وأمه وإخوته).
قال ابن كثير: (وقد كان هذا سائغًا في شرائعهم إذا سَلَّموا على الكبير يسجُدون له،