وقد جاءت سنة نبينا محمد - ﷺ - بآفاق هذا المعنى، في أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لا يَتَمَنَّينَ أحدُكمُ الموتَ لِضُرٍّ نزلَ به، فإن كانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فليَقُل: اللهم أَحْيِني ما كانت الحياةُ خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي] (١).
الحديث الثاني: أخرج الحاكم والبيهقي بسند صحيح عن أم الفضل رضي الله عنها: [أنَّ رسولَ الله - ﷺ - دخل عليهم، وعباس عم رسول الله - ﷺ - يشتكي، فتمنى عباس الموت، فقال له رسول الله - ﷺ -: يا عم! لا تتمن الموت، فإنك إن كنت محسنًا، فأن تؤخر تزداد إحسانًا إلى إحسانك خير لك، وإن كنت مسيئًا فأن تؤخر فتستعتب من إساءتك خير لك، فلا تتمنّ الموت] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الترمذي وأحمد من حديث معاذ وابن عباس - في قصة المنام - والدعاء الذي دعا فيه النبي - ﷺ - مما علَّمه الله تعالى وقال له: [يا محمدُ! إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك فعلَ الخيرات، وتركَ المنكراتِ، وحُبَّ المساكين، وأن تغفرَ لي، وترحمني، وتتوبَ عليَّ، وإذا أردتَ بعبادك فتنةً فاقبضني إليك غيرَ مفتون] (٣).
١٠٢ - ١٠٧. قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (١٠٤) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١٠٧)﴾.
في هذه الآيات: إِخْبَارُ الله تعالى نبيَّه - ﷺ - أن ما قصَّه عليه في هذه السورة من أنباء
(٢) حديث صحيح. أخرجه الحاكم (١/ ٣٣٩)، والبيهقي (٣/ ٣٧٧)، وهو على شرط الإمام البخاري.
(٣) حديث صحيح. انظر سنن الترمذي (٣٢٣٥)، ومسند أحمد (٥/ ٢٤٣)، وصحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (٥٩)، وصحيح سنن الترمذي (٢٥٨٠) - (٢٥٨٢).