فإنه لم يَغِضْ ما في يده، وكان عرشه على الماء، وبيده الميزانُ يخفضُ ويرفع] (١).
الحديث الرابع: أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة] (٢).
وقوله: ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - ﷺ -: ولئن قلت لهؤلاء المشركين من قومك: إنكم مبعوثون أحياء من بعد مماتكم! فتلوت عليهم بذلك تنزيلي ووحيي، ﴿لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾، أي: ما هذا الذي تتلوه علينا مما تقول، إلا سحر مبينٌ لسامعه عن حقيقته أنه سحر).
وقوله: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾. قال ابن عباس: (﴿إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾: إلى أجل محدود) (٣). وقال مجاهد: (إلى حين). وقال ابن جريج: (﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ﴾ يقول: أمسكنا عنهم العذاب. ﴿لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ﴾، قال: للتكذيب به، أو إنه ليس بشيء).
وأصل الأمة الجماعة من الناس تجتمع على مذهب ودين، ثم تستعمل في معان كثيرة، منها السنون المعدودة والحين. قال ابن جرير: (وإنما قيل للسنين "المعدودة" والحين، في هذا الموضع ونحوه: ﴿أُمَّةٍ﴾، لأن فيها تكون الأمة).
وقوله: ﴿أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. أي: ألا يوم يأتيهم العذاب، فينزل بهؤلاء الشاكين المكذبين، فهنالك ليس يصرفه عنهم صارف، ولا ينجيهم منه منقذ، بل يحل بهم فيهلكهم وليس له دافع، ويحيط بهم جزاء ما كانوا به يستهزئون.
قال مجاهد: (﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾، قال: ما جاءت به أنبياؤهم من الحق).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح - حديث رقم - (٤٦٨٤) - كتاب التفسير، باب قوله: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ﴾، ورواه مسلم في صحيحه (٩٩٣) - كتاب الزكاة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة في "كتاب العرش" (١١٤/ ١)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (ص ٢٩٠)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة - حديث رقم (١٠٩).
(٣) وفي رواية عنه - يقول: (إلى أجل معلوم) - ذكره ابن جرير في التفسير (١٨٠١٤).


الصفحة التالية
Icon