٩ - ١١. قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١)﴾.
في هذه الآيات: إخبار الله تعالى عن سلوك فاسد يصيب الإنسان، فهو ما أسرعه إلى اليأس عند نزع النعمة منه، وما أسرعه إلى العجب والغرور عند نزول النعمة به بعد الضراء التي مسته، وما يسلم من هذا الخلق الذميم، إلا أهل الصبر والعمل الصالح الذين غفر الله لهم وأعدّ لهم الأجر الكريم.
فقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾. قال ابن جريج: (يا ابن آدم، إذا كانت بك نعمة من الله من السعة والأمن والعافية، فكفور لما بك منها. وإذا نزعت منك نبتغي قَدْعك (١) وعقلك، فيؤوس من روح الله قنوط من رحمته. كذلك المرء المنافق والكافر).
وهذه الآية في ذكر بعض الصفات الذميمة التي تعتري الإنسان - إلا من رفعه الله بالتقوى - فإنه إن فقد نعمة عاشها طويلًا أصابه اليأس والقنوط مِمّا يستقبل من الخير، ونسي الماضي الذاخر بالفضل والنعم والعطاء، وربما أساء الظن بالله تعالى.
قال ابن جرير: (﴿إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ﴾، يقول: يظل قَنِطًا من رحمة الله، آيسًا من الخير. هو كفور لمن أنعم عليه، قليل الشكر لربّه المتفضّل عليه بما كان وَهَبَ له من نعمته).
وقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ﴾. هو كما في التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)﴾ [العصر: ١ - ٣].