بعض ما يوحى إليك وضائق صدرك ببعض هذا الوحي الذي أمرت بتبليغه مخافة أن يقولوا: أين المال أو الكنز الذي أنزل معه أو الملك الذي جاء مصدقًا له من الله بأنه رسول، فاعلم أنه إنما أنت نذير لقومك والله القيم على الأمور والتدبير. أم يقولون لك - يا محمد - افتريت هذا القرآن! فقل: الله يتحداكم بأن تأتوا بعشر سور مثله مستعينين بمن شئتم من دون الله إن كنتم صادقين. فإن أخفقوا وعجزوا فاعلموا - أيها المؤمنون - وازدادوا إيمانًا أن هذا القرآن منزل من الله بعلمه، وهو الإله الواحد لا شريك له فهل أنتم حقًا مسلمون.
فقوله: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ﴾.
قال مجاهد: (قال الله لنبيه: فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك أن تفعل فيه ما أمرت، وتدعو إليه كما أرسلت. قالوا: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ﴾، لا نرى معه مالًا! أين المال؟ ﴿أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ ينذر معه!، ﴿إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ﴾، فبلغ ما أمرت).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾. قال ابن جرير: (يقول: والله القيم بكل شيء، وبيده تدبيره، فانفذ لما أمرتك به، ولا تمنعك مسألتهم إياك الآيات من تبليغهم وحيي، والنفوذ لأمري).
وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾.
قال ابن جريج: (﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾، قد قالوه، ﴿أَقُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾، وادعوا شهداءكم، قال: يشهدون أنها مثله).
وقوله تعالى: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.
قال ابن كثير: (أي فإن لم يأتوا بمعارضة ما دعوتموهم إليه، فاعلموا أنهم عاجزون عن ذلك، وأن هذا الكلام منزَّلٌ من عند الله، متضمِّنٌ عِلمَهُ وأمرَه ونَهْيَه، ﴿وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾).
وعن مجاهد: (﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ قال: لأصحاب محمد - ﷺ -).


الصفحة التالية
Icon