وقال الشعبي: (الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شُكْر).
قال القرطبي: (﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ أي في التذكير في أيام الله ﴿لَآيَاتٍ﴾ أي دلالات ﴿لِكُلِّ صَبَّارٍ﴾ أي كثير الصبر على طاعة الله، وعن معاصيه. ﴿شَكُورٍ﴾ لنعم الله).
قال: (وإنما خصَّ بالآيات كل صبار شكور، لأنه يعتبر بها ولا يغفل عنها، كما قال: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ [النازعات: ٤٥]، وإن كان منذِرًا للجميع).
ومن كنوز صحيح السنة في مفهوم ودلالة هذه الآية، أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الدارمي في سننه، وأحمد في مسنده، بسند صحيح، عن صهيب قال: [بينما رسول الله - ﷺ - قاعد مع أصحابه إذ ضحك، فقال: ألا تسألوني مم أضحك؟ قالوا: يا رسول الله! ومم تضحك؟ قال: عجبتُ لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، إن أصابه ما يحب حمد الله وكان له خير، وإن أصابه ما يكره فصبر كان لهُ خير، وليس كل أحد أمره كله خير إلا المؤمن] (١).
الحديث الثاني: أخرج عبد الله بن أحمد في مسند أبيه، وأبو يعلى بسند رجاله ثقات عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - ﷺ -: [عجبًا للمؤمن لا يقضي اللهُ لهُ شيئًا إلا كانَ خيرًا له] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الطيالسي والبيهقي من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: [عجبتُ للمسلم إذا أصابتهُ مصيبةٌ احتسب وصبر، وإذا أصابه خير حمدَ الله وشكر، وإنّ المسلم يؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه] (٣).
الحديث الرابع: أخرج الترمذي بسند حسن عن أنس عن النبي - ﷺ - قال: [إنّ عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط] (٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه (٥/ ٢٤)، وأبو يعلى (٢٠٠/ ٢)، ورجاله ثقات، انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٤٨).
(٣) أخرجه الطيالسي (٢١١) بإسنادٍ صحيح. وانظر صحيح الجامع (٣٨٨١)، ورواه البيهقي وغيره.
(٤) أخرجه الترمذي (٢/ ٦٤)، وابن ماجه (٤٠٣١)، وسنده حسن. وانظر: "الصحيحة" (١٤٦).