قال ابن زيد: (﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾: وإذ قال ربكم، ذلك "التأذن").
قال ابن كثير: (وقوله: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾، أي: آذنكم وأعلمكم بوعده لكم. ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربكم وآلى بعِزَّته وجَلاله وكبريائه، كما قال: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [الأعراف: ١٦٧]. وقوله: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾، أي: لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها).
وقوله: ﴿وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾.
أي: وإن جحدتم النعم ولم تؤدوا شكرها قابلكم ربكم بحرمانها أو بتسليط العذاب عليكم، فإن النعم تُقابل بالشكر لا بالتمرد والعصيان.
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي اللهُ عَنْهُ قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إن الله ليرضى عن العبد أن يأكلَ الأكلةَ فيحمده عليها، ويشربَ الشربةَ فيحمدهُ عليها] (١).
الحديث الثاني: أخرجَ أبو داود بسند صحيح عن أبي أيوب الأنصاري، قال: [كان رسول الله - ﷺ -، إذا أكل أو شرب، قال: الحمدُ لله الذي أطعم وسقى، وسَوَّغَه وجعلَ له مَخْرَجًا] (٢).
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجه بسند صحيح عن أبي أمامة قال: [كان رسول الله - ﷺ - إذا رُفعت المائدة قال: "الحمدُ لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، غيرَ مَكْفِيٍّ، ولا مُوَدَّعٍ، ولا مستغنى عَنْهُ، ربُّنا"] (٣).
الحديث الرابع: أخرج أبو داود والترمذي بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري قال: [كان رسول الله - ﷺ - إذا استجدَ ثوبًا سماهُ باسمه: إما قميصًا أو عمامة، ثم يقول: اللهم
(٢) حديث صحيح. أخرجهُ أبو داود (٣٨٥١)، كتاب الأطعمة، باب ما يقول الرجل إذا طعم.
(٣) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه (٣٢٨٤)، كتاب الأطعمة، باب ما يقال إذا فرغ من الطعام.