وقوله: ﴿جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾. قال ابن جرير: (يعني بِحُجَجٍ ودلالاتٍ على حقيقة ما دعوهم إليه معجزات).
وقوله: ﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾ - فيه أكثر من تأويل محتمل:
التأويل الأول: عن أبي الأحوص، عن عبد الله: ﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾، قال: (عضوا عليها تَغَيُّظًا). أو قال: (عضوا على أناملهم). أو قال: (عضوا على أطراف أصابعهم).
وقال ابنُ زيد: (أدخلوا أصابعهم في أفواههم. وقال: إذا اغتاظ الإنسان عضَّ يده).
التأويل الثاني: عن ابن عباس: (﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾، قال: لما سمعوا كتاب الله عجِبوا، ورَجعوا بأيديهم إلى أفواههم).
التأويل الثالث: عن مجاهد: (﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾، قال: ردوا عليهم قولهم وكذّبوهم). وقال قتادة: (كذبوا رسلهم وردّوا عليهم ما جاؤوا به من البينات، وردّوا عليهم بأفواههم، وقالوا: ﴿وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾).
وقوله: ﴿وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾
إخْبَارٌ عن قيل أولئك الأقوام الذين صرحوا لرسلهم بكفرهم بما أرسلوا به، يقولون: لسنا مصدقين لكم فيما جئتم به، بل عندنا شك قوي فيما تدعوننا إليه.
وقوله: ﴿قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يحتملُ شيئين في التأويل:
١ - أفي وُجود اللهِ شك؟ وقد جُبلت الفِطر على الإقرار بوجوده، فإن عرض لها اضطراب فذكرتهم الرسل بما يدلُ عليه ويوصل إليه وهو أنه: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ - مبدعهما وموجدهما ومن فيهما، إذْ لا بُدَّ لذلكَ من صانع، ألا وهو الله لا إله إلا هو.
٢ - أفي إلاهِيَّتهِ وتفرّده بالعبادة والتعظيم شك؟ فإن تفرّده بالخلق والملك والتدبير، يقتضي تفرده بالتعظيم والدعاء والعبادة.
وقوله: ﴿يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾.
قال القاسمي: (أي: يدعوكم إلى الإيمان بإرساله إيانا، لا أنَّا ندعوكم إليه من تلقاء أنفسنا كما يوهمه قولكم ﴿تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ﴾. وقوله تعالى: {وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى