لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)}] (١).
وقوله: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ﴾.
قال ابن كثير: (يخبر تعالى عن حال المؤمنين الذين هم على فطرة الله تعالى التي فطر عليها عبادَه، من الاعتراف له بأنه لا إله إلا هو، كما قال تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ﴾ [الروم: ٣٠]).
قلت: فالفطرة نور، والوحي نور، والمؤمن في نور على نور: نور الوحي على نور الفطرة.
ومن كنوز السنة الصحيحة في آفاق هذا المعنى أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عياض بن حِمار، عن رسول الله - ﷺ - قال: [يقول الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحَرَّمت عليهم ما أحْلَلْتُ لهم، وأمرتهم أن يشركوا بني ما لم أنزل به سلطانًا] (٢).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد والنسائي بسند حسن عن ابن عباس، عن النبي - ﷺ - قال: [أخذ الله تبارك وتعالى الميثاق من ظهر آدم بنعمان - يعني عرفة - (وفي رواية: يوم عرفة) فأخرج في صُلبِه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذّر ثم كلمهم قبلًا قال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (١٧٣)﴾ [الأعراف: ١٧٢، ١٧٣]] (٣).
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -:
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٦٥) - كتاب الجنة ونعيمها. وأخرجه أحمد (٤/ ١٦٢)، والطبراني في "الكبير" (١٧/ ٩٨٧) - ومعنى اجتالتهم: ذهبوا بهم وحرفوهم وجالوا معهم في الباطل.
(٣) حديث حسن. أخرجه أحمد (١/ ٢٧٢)، والنسائي في " الكبرى" (١١١٩١)، والحاكم، وغيرهم.