وقال أيضًا: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: ٣٠].
وقوله: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ﴾.
هو فَصْلُ الأمر من الله تعالى تجاه مكر القوم والملأ الكافر برسولهم، بأنه تعالى سيهلك القوم الذين ظلموا وطغوا وأفسدوا في البلاد، وحاربوا الرسل وهم يدعونَ إلى دين الواحد الأحد.
وقوله: ﴿وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ - هو من تمام وعد الرحمن للمؤمنين الصابرين.
قال قتادة: (وعدهم النصرَ في الدنيا، والجنة في الآخرة).
وقوله: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴾. قال القرطبي: (أي مقامه بين يديّ يوم القيامة). والوعيد: الاسم من الوعد.
قال الأخفش: (﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ أي عذابي، ﴿وَخَافَ وَعِيدِ﴾ أي القرآن وزواجره).
وقيل: (﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي﴾ أي قيامي عليه، ومراقبتي له). كما في التنزيل: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الرعد: ٣٣].
وقوله تعالى: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾.
قال مجاهد: (﴿وَاسْتَفْتَحُوا﴾، قال الرسل كلها. يقولى: استنصروا، ﴿عَنِيدٍ﴾، قال: معاند للحق مجانبه). قال القرطبي: ﴿وَاسْتَفْتَحُوا﴾ أي واستنصروا. أي أُذِن للرسل في الاستفتاح على قومهم، والدعاء بهلاكهم).
قال ابن عباس: (كانت الرسل والمؤمنون يستضعفهم قومهم ويقهرُونهم ويكذبونهم، ويدعونهم إلى أن يعودوا في مِلَّتهم، فأبى اللهُ عز وجل لرسلهِ وللمؤمنين أن يعودُوا في مِلّةِ الكفر، وأمرهم أن يتوكلوا على الله، وأمرهم أن يستفتحوا على الجبابرة، ووعدهم أن يُسْكنهم الأرض من بعدهم، فأنجز الله لهم ما وعدهم، واستفتحوا كما أمرهم أن يستفتحوا، وخاب كل جبار عنيد).
قال إبراهيم: (﴿وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾، قال: هو الناكب عن الحق). وقال قتادة: ("الجبار العنيد"، الذي يأبى أن يقول: لا إله إلا الله).