٢٤ - ٢٧. قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٥) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (٢٦) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (٢٧)﴾.
في هذه الآيات: شبه سبحانهُ الكلمة الطيبة بأنها لشدة ثبات جذورها وتأثيرها في قلوب الناس لا تزال تثمر في حياتهم وقلوبهم، كالشجرة الطيبة التي لا تزالُ تؤتي أكلها في كل موسم وحين، فيُذكر صاحب الكلمة الطيبة بالإحسان والخير في كل وقت وحين. وأما الكلمةُ السيئة والأسلوب المؤذي فلا يزال يتركُ أثرًا سيئًا يُذكر صاحبه بسوء الخلق حتى لو كان عنده من العلم الكثير، فلا يجد في قلوب الناس مكانًا فَيُجْتَثُّ من حياتهم ويخرج من قلوبهم كما تُجتَثُّ الشجرة المؤذية من طريق الناس وتستأصل من جذورها.
فمن كان من أهل الكلمة الطيبة التي أعلاها "لا إله إلا الله" ثبّته الله عند الغرغرة والاحتضار، وعند سؤال الملكين في القبر قبل الاستقرار، ومن كان جاحدًا لكلمة التوحيد يعيشُ على خلاف منهاجها أضلّه الله وأخزاهُ عند السؤال والامتحان، ليكون ذلك علامة سوء في الخاتمة وحرمان من الجنان، فقلوب العباد وأعمالهم بيد الله سبحانهُ يضل من يشاء ويهدي من يشاء بحكمته وعدله وعلمه ويفعل سبحانه ما يشاء.
فعن ابن عباس: (﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً﴾، قال: شهادةُ أن لا إله إلا الله، ﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ وهو المؤمن، ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾ يقول: لا إله إلا الله في قلب المؤمن، ﴿وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ﴾ يقول: يُرفَعُ بها عمل المؤمن إلى السماء).
وقال سعيد بن جبير ومجاهد: (إن ذلك عبارةٌ عن المؤمن، وقوله الطيِّب، وعمله الصالح، وإن المؤمن كالشجرة من النّخل، لا يزالُ يُرفع له عملٌ صالحٌ في كل حينٍ ووقتٍ، وصباح ومساء).
وعن ابن عباس: (﴿كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ﴾ قال: هي شجرة في الجنة).