مَلَكان فيُجلسانه ويقولان له: من ربُّكَ؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري؟ فيقولان: ما دينُك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري. فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هاه، هاه، لا أدري؟ فينادي مناد من السماء: أن كذَبَ، فَأَفرِشُوه من النار، وافتحوا لهُ بابًا إلى النار. فيأتيهِ من حَرِّها وسَمُومِها، وَيُضَيَّقُ عليهِ قبرُه حتى تختلفَ فيه أضلاعهُ، ويأتيهِ رجلٌ قبيحُ الوجهِ، قبيحُ الثيابِ، مُنْتِنُ الريح فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد! فيقول: ومن أَنت؟ فوجْهُكَ الوجهُ يجيءُ بالشر! فيقول: أنا عَمَلُكَ الخبيث، فيقول: رَبِّ، لا تُقِم الساعة] (١).
وقوله: ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾. أي يخذل الله المنافق والكافر عند السؤال، فلا يوفقه للنطق بالشهادتين والحق الذي فيه النجاة، أحوج ما يحتاجُ إليه.
قال ابن عباس: (أما الكافر، فتنزل الملائكة إذا حضره الموت، فيبسطُون أيديهم، "والبَسطُ"، هو الضرب، يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت. فإذا أُدْخِل قبره فقيل له: من ربك؟ فلم يرجع إليهم شيئًا، وأنساهُ اللهُ ذكر ذلك. وإذا قيلَ له: من الرسول الذي بُعث إليكَ؟ لم يهتد له، ولم يرجع إليهِ شيئًا، يقول الله: ﴿وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ﴾).
وقوله: ﴿وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾. قال ابن جرير: (يعني تعالى ذكره بذلك: وبيدِ الله الهداية والإضلال، فلا تنكروا، أيها الناس، قدرتَه، ولا اهتداءَ من كان منكم ضالًا، ولا ضلالَ مَنْ كانَ منكم مهتديًا، فإنَّ بيدهِ تصريفَ خلقه وتقليبَ قلوبهم، يفعلُ فيهم ما يشاء).
ومن كنوز صحيح السنة في آفاق هذا المعنى، أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن أنس، قال رسول الله - ﷺ -: [إن الله تعالى هو الخالق القابض الباسط الرازق] (٢).
الحديث الثاني: أخرج الإمامُ مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن - حديث رقم - (٣٤٥١)، كتاب الإجازة، باب في التسعير. انظر صحيح سنن أبي داود (٢٩٤٥)، ورواه ابن ماجه (٢٢٠٠)، ورواه الترمذي والبيهقي وأحمد - انظر صحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (١٨٤٢).