يقول: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إن قلوبَ بني آدم كلَّها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلبٍ واحدٍ يصرفه كيف يشاء. ثم يقول رسول الله - ﷺ -: اللهم مصرف القلوب صرِّف قلوبنا إلى طاعتك] (١).
الحديث الثالث: أخرج أبو داود والنسائي بسند صحيح عن هانئ بن يزيد، عن النبي - ﷺ - قال: [إن الله هو الحَكَمُ، وإليهِ الحُكْمُ] (٢).
٢٨ - ٣٠. قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ (٢٩) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (٣٠)﴾.
في هذه الآيات: يخاطب الله تعالى نبيّهُ محمدًا - ﷺ - فيقول: ألم تنظر يا محمد إلى كفار قومكَ غيروا ما أنعم الله عليهم من نعمه فجعلوها كفرًا به، إذ جحدوا نبوتكَ ونعمةَ اللهِ العظيمة في إرسالكَ إليهم لتنقذهم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، وأنزلوا قومهم من مشركي قريش بذلكَ دار الهلاك، جهنم يصلونها وبئس المستقر. لقد أصروا على الشرك بالله على طريقة آبائهم في اتخاذ الأنداد والأوثان والطواغيت يعبدونها من دون الله، ويصرفون لها الخضوع والتذلل والرجاء والدعاء، وهم في ذلكَ ضالون مضلون عن سبيل الله - قل لهم يا محمد: تمتعوا بترويج فاسد عادات الآباء وتعظيم تقاليد الجاهلية فإن مآلكم في إصراركم هذا إلى النار.
قال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه - باب ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾: (﴿أَلَمْ تَرَ﴾ ألم تَعْلَمْ، كقوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا﴾ [البقرة: ٢٤٣]. ﴿الْبَوَارِ﴾: الهلاك. بارَ يَبُورُ بَوْرًا، ﴿قَوْمًا بَوْرًا﴾ [الفرقان: ١٨]: هالكين. حدَّثنا عليُّ بن عبد الله: حدَّثنا سفيان عَنْ عُمْرو، عَنْ عَطاءٍ: سَمِعَ ابنَ عبَّاسٍ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ قال: هُمْ كفّار أهل مكة).
وقال السُّدي: (﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا﴾ الآية! ذكر مسلم المستوفي
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن - حديث رقم - (٤٩٥٥)، وانظر صحيح سنن أبي داود - حديث رقم - (٤١٤٥)، ورواه النسائي.