والخلاصة: الفطرة مع الوحي هديتان من الله تعالى للعباد، فمن أصَرَّ بعد ذلك على اتباع الأهواء والشبهات والشهوات فقد اختار البقاء في الظلمة بعدما جاءه النور.
وفي المسند وصحيح ابن حبان عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي - ﷺ - أنه قال: [إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل] (١).
١٨ - ٢٢. قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (١٩) أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢)﴾.
في هذه الآيات: إخبارٌ من الله تعالى عن الكفار والمنافقين الذي يفترون على الله الكذب أنهم يُحضرون يوم القيامة وتشهد عليهم الرسل بما كذبوا على ربهم لتحيق بهم لعنة الله. أولئك الذين يقعدون في طريق المؤمنين فيصدون عن سبيل الهدى والرشاد، ويحبون نشر الفواحش والفساد، وهم بلقاء ربهم كافرون. أولئك لم يكونوا ليفلتوا من عذاب الله، بل يضاعف لهم العذاب ولا نصير يدفع عنهم، فما كانوا يألفون سماع الحق والقرآن ولا يبصرون سبيل الهداية. أولئك الذين ربحوا الخسارة في الدنيا والآخرة وحاق بهم ما كانوا يكذبون ويفترون.
فقوله: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾. قال ابن جريج: (الكافر والمنافق). وقال أبو جعفر: (يقول تعالى ذكره: وأي الناس أشد تعذيبًا اختلق على الله كذبًا فكذب عليه).
وقوله: ﴿أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ﴾. قال ابن جريج: (فيسألهم عن أعمالهم).