وقوله: ﴿وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ﴾. قال الضحاك: (يعني الأنبياء والرسل، وهو قوله: ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ﴾ [النحل: ٨٩]. قال: وقوله: ﴿وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ﴾، يقولون: يا رَبَّنا أتيناهم بالحق فكذبوا، فنحن نشهد عليهم أنهم كذبوا عليك، يا رَبَّنا).
وقال قتادة: (والأشهاد: الملائكة، يشهدون على بني آدم بأعمالهم).
والخلاصة: فإن في الآية بيانًا لحال المفترين على الله الكذب وفضيحتهم في الدار الآخرة على رؤوس الخلائق من الملائكة والرسل والأنبياء، وسائر البشر والجان.
وقوله: ﴿أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾. أي: ألا إن غضب الله وسخطه على المعتدين الذين تجرؤوا على الحق بالكذب والافتراء.
وفي الصحيحين عن صَفْوانَ بنِ مُحْرِزٍ المازِنِيِّ قال: [بينما أنا أمشي مع ابن عمرَ رضي الله عنهما آخذٌ بيده، إذ عَرَضَ رجلٌ فقال: كيف سمعت رسول الله - ﷺ - في النَّجْوى؟ فقال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: إن الله يُدْني المؤمنَ فَيَضَعُ عليه كنَفَهُ ويَسْتُرُهُ فيقول: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كذا؟ أتعرِفُ ذنْبًا كذا؟ فيقول: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتى قَرَّرَهُ بذنوبه ورأى في نفسهِ أنه هَلَكَ، قال: سترتُها عليك في الدنيا، وأنا أغفِرُها لك اليوم، فَيُعْطى كتابَ حَسَناتِهِ، وأما الكافر والمنافقون فيقول الأشهادُ: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾] (١).
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾.
أي: ألا لعنة الله على الظالمين الذين يفتنون الناس عن الدين الحق خوفًا على مناصبهم ومصالحهم وأهوائهم، ويلتمسون بدلًا منه زيغًا وميلًا وانحرافًا عن الاستقامة، وهم بالبعث بعد الممات وبالنشور والحساب والقصاص والميزان جاحدون.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾.
قال النسفي: (أي ما كانوا بمعجزين الله في الدنيا أن يعاقبهم لو أراد عقابهم، {وَمَا