شيء أراد عقوبته، قادر على كل من طلبه، لا يفوته بالهرب منه. ﴿ذُو انْتِقَامٍ﴾ ممن كفر برسله وكذّبهم، وجحد نبوَّتهم، وأشرك به واتخذ معه إلهًا غَيْره).
وقوله: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ﴾.
قال القاسمي: (وذلكَ أن تسير عن الأرض جبالها وتفجر بحارها وتسوَّى، فلا يرى فيها عوج ولا أمت. وتبدل السماوات بانتثار كواكبها وكسوف شمسها وخسوف قمرها وانشقاقها وكونها أبوابًا).
قلت: وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى في أحاديث.
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يُحْشَرُ الناسُ يومَ القيامةِ على أرضٍ بيضاءَ عَفراءَ، كقُرصة النَّقِيّ، ليس فيها مَعْلَم لأحد] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام مسلم في صحيحه، والترمذي في جامعه، وأحمد في مسنده، عن مسروق، عن عائشة، أنها قالت: [أنا أوّل الناس سأل رسول الله - ﷺ - عن هذه الآية: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾، قالت: قلت: أينَ الناس يومئذٍ يا رسول الله؟ قال: على الصراط] (٢)
وفي رواية: (هم في الظلمة دون الجسر).
الحديث الثالث: أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن ثوبان مولى رسول الله - ﷺ - قال: [كنتُ قائمًا عند رسول الله - ﷺ - فجاءهُ حَبْرٌ من أحبارِ اليهود، فقال: السلامُ عليكَ يا محمد. فدفعتهُ دَفعةً كاد يُصرعُ منها، فقال: لِمَ تدفعُني؟ فقلتُ: ألا تقول: يا رسول الله؟ ! فقال اليهودي: إنَّما ندعُوهُ باسمهِ الذي سمَّاهُ بهِ أهلُه! فقال رسول الله - ﷺ -: إن اسمي محمدٌ الذي سمّاني به أهلي. فقال اليهودي: جئتُ أسألكَ. فقال رسول الله - ﷺ -: أينفعكَ شيءٌ إن حَدَّثتُكَ؟ فقال: أسمعُ بأذني. فنكتَ رسول الله - ﷺ -: بعودٍ معهُ، فقال: سَلْ. فقال اليهودي: أينَ يكونُ الناس حين تُبدلُ الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله - ﷺ -: هم في الظلمة دون الجسر. قال: فمن أَوَّل الناس إجازةً؟ قال: فقال
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٧٩١)، والترمذي في الجامع (٣١٢١)، وابن ماجه في السنن (٤٢٧٩)، وأحمد في المسند (٦/ ٣٥).