فقراء المهاجرين. قال اليهودي: فما تُحْفَتُهُم حينَ يدخلونَ الجنة؟ قال: زيادة كبدِ الحوت. قال: فما غِذاؤُهم في أثرها؟ قال: يُنْحَر لهم ثورُ الجنةِ الذي كانَ يأكل من أطرافها. قال: فما شرابهم عليه؟ قال: من عينٍ فيها تسمّى سلسبيلا. قال: صدقت. قال: وجئتُ أسألكَ عن شيء لا يعلَمه أحدٌ من أهلِ الأرض إلا نبيٌّ أو رجلٌ أو رجلان؟ قال: ينفعكَ إن حدَّثتك؟ قال: أسمعُ بأذني. قال: جئتُ أسألكَ عن الولد. قال: ماء الرجل أبيضُ وماء المرأة أصفرُ. فإذا اجتمعا فَعَلا مَنِيُّ الرجل مَنِيَّ المرأة أذْكَرا بإذن الله تعالى، وإذا علا مني المرأة منيَّ الرجل أنَّثَا بإذن الله. قال اليهودي: لقد صَدَقْتَ، وإنكَ لنبيٌّ. ثم انصرف، فقال رسول الله - ﷺ -: لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه وما لي علمٌ بشيءٍ منهُ، حتى أتاني اللهُ به] (١).
وقوله: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾.
قال ابن كثير: (أي: خرجتِ الخلائق جميعُها من قبورهم لله ﴿الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ أي: الذي قَهَرَ كل شيء وغَلَبَهُ، ودانت لهُ الرقابُ، وخضعت له الألبابُ).
وقوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾.
قال ابن عباس: (قوله: ﴿مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴾ يقول: في وثاق). وقال الضحاك (الأصفاد: السلاسل). وقال قتادة: (مقرّنين في القيود والأغلال).
والأصفاد: جمع صَفَد، وهو القيد. قال الأعمش: (الصفد: القيد).
وقال ابن زيد: (صفدت فيها أيديهم وأرجلهم ورقابهم، والأصفاد: الأغلال).
والخلاصة: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وتبرز الخلائق جميعًا من قبورها لديّانها، ترى - يا محمد - يومئذ المجرمين - الذين أجرموا بكفرهم وفسادهم ومحاربة الرسل والدين الحق وأهله - مشدودين بالأغلال والقيود بعضهم إلى بعض، وقد جُمع يومئذ بين الأصناف المتماثلة والأشباه والنظراء من كل صنف وزوج من أهل الكفر والبغي والفساد في الأرض في صورة من الذل والهوان والخزي في عرصات القيامة.

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح - حديث رقم - (٣١٥)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (٧٤٢٢)، وأخرجه البيهقي في "البعث" (٣١٥).


الصفحة التالية
Icon