التي سنّها الله في إهلاكهم حين كذبوا رسله، وهو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم).
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ﴾.
أي: ولو أريناهم أكبر آية - نحو فتح باب من السماء - ويسرنا لهم معراجًا يصعدون فيه إليها، وأبصروا من عظيم الآيات والدلائل على وجوب إفراد الله تعالى بالتعظيم، والتصديق بالوحي الذي نزل على محمد - ﷺ - سيد المرسلين، لقالوا إنما هو شيء نتخايله لا حقيقة له، بل سحرنا محمد بذلك.
وعن مجاهد: (﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾، قال: سُدّت أبصارنا). وقال قتادة، عن ابن عباس: (أخذت أبصارنا). وقال العوفي، عن ابن عباس: (شبِّهَ علينا، وإنما سُحِرْنا). وقال الكلبي: (عَمِيت أبصارنا). وقال ابن زيد: (﴿سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا﴾، السكران الذي لا يَعْقِلُ). قال ابن جرير: (معنى ذلك: أخذت أبصارنا وسحرت، فلا تبصر الشيء على ما هو به، وذهب حدُّ إبصارها، وانطفأ نوره).
١٦ - ٢٠. قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (١٦) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (١٧) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (١٨) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (١٩) وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (٢٠)﴾.
في هذه الآيات: تَذْكيرُ الله تعالى عباده ببعض آياته البديعة من خلقه، فقد خَلَقَ السماء وجعلها سبع طبقات لكل منها ارتفاعها وملائكتها وأفلاكها، وَزَيَّنَ السماء الدنيا بالنجوم والكواكب الثواقب تبهر الناظرين، وتطرد بشهبها الشياطين، إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين، والأرض بسطها سبحانه ومهّدها وثبّتها بالجبال الشامخات وأنبت فيها من كل شيء بقدر معلوم، رزقًا للعباد وَلِمَنْ لَسْتُم له من الخلق برازقين.
فقوله: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾. قال مجاهد: (كواكب). وقال قتادة: (وبروجها: نجومها).
وقوله: ﴿وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ﴾. قال ابن جرير: (يقول: وزينا السماء بالكواكب لمن نظر إليها وأبصرها).