بِخَازِنِينَ (٢٢) وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (٢٣) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (٢٤) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٢٥)}.
في هذه الآيات: إِثْباتُ خزائن منافع العباد بيد الله تعالى وإنما تصريف ذلك حسب مشيئته وحكمته جلت صفاته، وإِثْباتُ إرسال الله الرياح حوامل ملقحة تحمل الماء والتراب والخير والنفع الكثير، وكذلك المطر المنهمر والحياة والموت بأمر الله العزيز الكبير، الذي علم الأرزاق والآجال والأعمال والمرجع إليه وهو الحكيم الخبير.
فقوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾.
أي: كل خزائن منافع العباد عند الله تعالى وهو ينزل من ذلك بحكمته وتقديره.
يروي ابن جرير بسنده عن أبي جحيفة، عن عبد الله، قال: (ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يصرفه عمن يشاء، ثم قال: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾).
وفي لفظ، قال عبد الله بن مسعود: (ما من عام بأمطر من عام، ولكن الله يقسمه حيث شاء، عامًا ها هنا وعامًا ها هنا، ثم قرأ: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾).
قلت: فخزائن صنوف جميع الأشياء عند الله تعالى، ينزل منها بحكمته فيغطي بذلك حاجات عباده أو بعضها، أو يعاقبهم فيحرمهم من إنزالها، وينزل المعونة برحمته على قدر المؤنة، وينزل الفرج والصبر على قدر المصيبة.
يروي الحاكم والبيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إنّ المعونة تأتي من الله للعبد على قَدْر المؤنة (١)، وإن الصبر يأتي من الله على قدْر البلاء] (٢). وفي رواية: (على قدر المصيبة).
وفي لفظ آخر: [إنّ الله يُنزِلُ المعونة على قدر المؤنة، وينزل الصبر على قدر البلاء].

(١) المؤنة: القوت، ويقال أيضًا: المؤونة. والجمع: مُؤن، ومؤونات.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البزار في "مسنده" (ص ١٥٦)، وابن عدي في "الكامل" (٢٠٦/ ١)، وابن عساكر (٥/ ٢٠٥/ ٢)، ورواه الحاكم والبيهقي. انظر صحيح الجامع (١٩٤٨) (١٩١٥)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (١٦٦٤).


الصفحة التالية
Icon