وقوله: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ - أي: حوامل، تحمل الماء والتراب والسحاب والخير والنفع الكثير. وهي في الحقيقة لاقحة ملقحة، ولقحها: حملها الماء وإلقاحها السحاب والشجر: عملها فيه. قال ابن مسعود: (يرسل الله الرياح فتحمل الماء، فتجري السحاب، فتدر كما تدر اللقحة ثم تمطر) - ذكره بسنده ابن جرير، ثم قال: (فقد بين عبد الله بقوله: يرسل الرياح فتحمل الماء أنها هي اللاقحة بحملها وإن كانت ملقحة بإلقاحها السحاب والشجر).
وعن الحسن: (﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ قال: لواقح للشجر، قلت: أو للسحاب؟ قال: وللسحاب تمريه حتى يمطر).
وقوله: ﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾. قال القرطبي: (﴿فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ﴾ أي من السحاب. وكل ما علاك فأظلّكَ يسمى سماء. وقيل: من جهة السماء. ﴿مَاءً﴾ أي قطرًا. ﴿فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ﴾ أي جعلنا ذلك المطر لسقياكم ولشرب مواشيكم وأرضكم).
وفي لغة العرب: سقيته الماء أي ليشرب هو، وأسقيته الماء: إذا جعلت له ماءً لشربه ولشرب أرضه وماشِيَتِه.
وقوله: ﴿وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ﴾. قال سفيان: (بِمَانِعين). قال ابن كثير: (ويَحتمِلُ أنّ المراد: وما أنتم له بحافظين، بل نحن ننزِلُه ونحفظُه عليكم، ونجعَلُه مَعِينًا وينابيعَ في الأرض، ولو شاء تعالى لأغارَه وذَهَبَ به، ولكن مِنْ رحمتِه أنزله وجعله عذبًا، وَحَفِظَهُ في العُيون والآبار والأنهار وغير ذلك، ليبقى لهم في طول السَّنةِ يشربون ويُسقُون أنعامَهُم وزُروعهم وثمارهم).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾ [الواقعة: ٦٨ - ٧٠].
٢ - وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ﴾ [النحل: ١٠].
٣ - وقال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ﴾ [الملك: ٣٠].
أخرج الحاكم على شرط الشيخين عن ابن عباس قال: [ما من عامٍ بأكثر مطرًا من