عام، ولكن الله يصرفه بين خلقه حيث يشاء، ثم قرأ: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (٥٠)﴾] (١).
وله شاهد عند البغوي في "معالم التنزيل" من حديث ابن مسعود يرفعه: [ليس من سنة بأمَرَّ من أخرى، ولكن الله قسم هذه الأرزاق، فجعلها في السماء الدنيا في هذا القطر، ينزل منه كل سنة بكيل معلوم، ووزن معلوم، وإذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم، فإذا عصوا جميعًا صرف الله ذلك إلى الفيافي والبحار] (٢).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾.
قال النسفي: (أي نحيي بالإيجاد ونميت بالإفناء، أو نميت عند انقضاء الآجال ونحيي لجزاء الأعمال على التقديم والتأخير إذ الواو للجمع المطلق ﴿وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ﴾ الباقون بعد هلاك الخلق كلهم).
وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾.
قال عكرمة: (هم خلق الله كلهم، قد علم من خلق منهم إلى اليوم، وقد علم من هو خالقه بعد اليوم). وقال قتادة: (المستقدمين: من مضى، والمستأخرين: من بقي في أصلاب الرجال). وقال مجاهد: (من مات ومن بقي).
وكان الحسن يقول: (المستقدمون في طاعة الله، والمستأخرون في معصية الله).
وعن أبي الجوزاء قال: (المستقدمين منكم في الصفوف في الصلاة والمستأخرين).
قلت: وكل ما سبق داخل في تأويل هذه الآية، كما أن النّص الصحيح جاء في تأكيد التفسير في صفوف القوم في الصلاة.
فقد أخرج الترمذي بسند صحيح عن ابن عباس قال: [كانت امرأة تُصلي خلف رسول الله - ﷺ -، حسناء من أحسن الناس، وكان بعض القوم يتقدم حتى يكون في الصف الأول لأن لا يراها، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر، فإذا ركع
(٢) حديث صحيح. انظر "معالم التنزيل" (٦/ ١٨٤ - منار)، والمرجع السابق (ج ٥) ص (٥٩٣).