أخرج البخاري وأحمد من حديث أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - ﷺ - قال: [يخلص المؤمنون من النار، فَيُحْبَسُون على قنطرةٍ بين الجنة والنار، فيُقتصّ لبعضهم من بعض، مظالمُ كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبُوا ونُقّوا أُذِنَ لهُم في دخول الجنة] (١).
وقوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ﴾.
أي: لا ينالهم تعب في الجنة، بل هم في راحة دائمة ولذة مستمرة، في إقامة سرمدية لا منغّصَ لها ولا قاطع.
والنصب: التعب والمشقة والأذى، وقد ورد ذكر نفي ذلك - في السنة - في شأن خديجة رضي الله عنها في بيت خاص لها في الجنة.
فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة قال: [أتى جبريل النبي - ﷺ - فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتَتْ معها إناء فيه إدامٌ أو طعامٌ أو شرَابٌ، فإذا هي أتَتْكَ فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومِنّي، وبَشِّرها بِبَيْتٍ في الجنة من قَصَبٍ، لا صَخبَ فيه ولا نَصَب] (٢).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - ﷺ - قال: [مَنْ يدخل الجنة يَنْعَمُ لا يَبْأَسُ، لا تَبْلى ثيابُه ولا يَفْنى شبابُه] (٣).
وقوله تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾.
جَمْعٌ بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، وعليهما بناء التوازن في العبادة.
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إن اللهَ خلَقَ الرَّحْمة يَوْمَ خلقها مِئَةَ رحْمة، فأمْسكَ عِنده تِسْعًا وتِسْعين رَحْمةً، وأرسَلَ في خلقِهِ كلّهم رحمة واحِدة، فلو يعلم الكافِر بكل الذي
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٨٢٠)، كتاب مناقب الأنصار، وانظر صحيح مسلم (٢٤٣٤).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٣٦)، كتاب الجنة ونعيمها، باب في دوام نَعيم أهل الجنة.