فقوله تعالى: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ﴾. أي: أخبر عبادي - يا محمد - عن الملائكة الذين دخلوا ضيفًا على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، حين بعثهم الله لإهلاك قوم لوط المجرمين.
وقوله تعالى: ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ﴾.
إخبار من الله سبحانه عن الملائكة الذين نزلوا على إبراهيم الخليل - ﷺ -، فباشروه بالسلام، لكنه ما لبث أن أوجس منهم خيفة حينما رأى أيديهم لا تصل إلى العجل السمين الحنيذ الذي قرّبه إليهم ضيافة منه لهم. فقال: ﴿إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ﴾ - أي خائفون.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾.
أي قالوا له لا تخف، ﴿وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ﴾ [الذاريات: ٢٨]، وهو إسحاق عليه الصلاة والسلام.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾.
قال مجاهد: (عجب من كبره، وكبر امرأته).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ﴾.
قال ابن جرير: (قال ضيف إبراهيم له: بشرناكَ بحقّ يقين، وعلم منَّا بأن الله قد وهب لكَ غلامًا عليمًا، فلا تكن من الذين يقنطون من فضل الله، فييأسون منه، ولكن أبشر بما بشرناكَ به واقبل البشرى).
وقوله تعالى: ﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾.
قال النسفي: (أي لم أستنكر ذلكَ قنوطًا من رحمته ولكن استبعادًا لهُ في العادة التي أجراها).
في التنزيل: ﴿إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: ٨٧].
ومن كنوز صحيح السنة في ذمِّ القنوط من رحمة الله حديثان:
الحديث الأول: يروي الطبراني ورجاله ثقات عن ابن عباس: [أن رسول الله - ﷺ - سئل عن الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، واليأسُ من رَوْح الله، والأمْنُ من مكر الله] (١).