قال ابن عباس: (ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفسًا أكرمَ على الله من محمد - ﷺ -، وما سمعتُ الله أقسم بحياةِ أحد غيره، قال اللهُ تعالى ذكره: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾). وعن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قال: (ما حلف الله تعالى بحياة أحد إلا بحياة محمد - ﷺ -، قال: وحياتكَ يا محمد وعمرك وبقائك في الدنيا ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾). أو قال: (لَعَيْشُك ﴿إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ قال: يَتَمادَوْن). وهي كلمة من كلام العرب، لفي سكرتهم: أي في ضلالتهم يعمهون: أي يلعبون). وقال الأعمش: (لفي غفلتهم يتردّدون).
وقوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ﴾. أي: فأخذتهم صاعقة العذاب عند شروقهم. قال ابن جريج: (حين أشرقت الشمس، ذلكَ مشرقين).
وقوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ﴾.
أي: فرفعنا القرية وقلبناها بمن فيها، بعد مجيء الصوت القاصف عند شروق الشمس، فجعلنا عالي أرضهم سافلها، وأمطرناهم بحجارة من طين.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ﴾.
قال مجاهد: (للمتفرسين). وقال ابن عباس: (للناظرين). وقال قتادة: (للمعتبرين). قال ابن كثير: (أي: إنّ آثار هذه النِّقم ظاهرةٌ على تلكَ البلاد لمن تأمَّلَ ذلكَ وتَوَسَّمَهُ بعين بَصَره وبصيرته).
أخرج البزار والطبراني بسند جيد عن أنس بن مالك قال: قال النبي - ﷺ -: [إنّ لله عبادًا يعرفون الناس بالتوسُّم] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾.
قال قتادة: (بطريق واضح). وقال مجاهد: (مَعْلَم).
والمقصود: أن قرية سَدُوم التي حلَّ بها قوم لوط ونشروا فيها فاحشتهم وقلبها الله فوق رؤوسهم وقذفهم بالحجارة حتى أصبحت بحيرة خبيثة منتنة، هي قرية معلومة لقومكَ يا محمد، مستمرة إلى اليوم بطريق معلم واضح.