كما في التنزيل: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات: ١٣٧، ١٣٨].
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
أي: إن في هلاكهم لعبرة للمؤمنين على مر الدهور وتعاقب الأيام. قال القرطبي: (أي: لعبرة للمصدِّقين).
٧٨ - ٨٤. قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ (٧٨) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ (٧٩) وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠) وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٨١) وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (٨٢) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (٨٣) فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤)﴾.
في هذه الآيات: إخبار الله تعالى عن ظلم قومِ شعيب وانتقامهِ منهم، وكذلكَ ثمود قوم صالح أصحاب الوادي المعرضين عن آيات ربهم، فأخذتهم صيحة الهلاك وما أغنت عنهم بيوتهم ولا أموالهم ولا قوتهم.
فقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ﴾. المقصود: قوم شعيب وما كانوا عليه من ظلم. قال سعيد بن جبير: (أصحاب الأيكةِ: أصحاب غَيْضة). وقال الضحاك: (هم قوم شعيب، والأيكة: الغيضة). وقال قتادة: (والأيكة: الشجر الملتف).
قال ابن كثير: (وكان ظُلمُهم بشركهم باللهِ وقطعهم الطريق، ونَقصِهم المكيال والميزانَ، فانتقم الله منهم بالصيحة والرَّجفة وعذاب يوم الظُّلة، وقد كانوا قريبًا من قوم لوط، بَعْدَهم في الزمان، ومُسَامتين لهم في المكان، ولهذا قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ أي: طريق مبين. قال ابن عباس ومجاهد والضحاك: طريق ظاهر. ولهذا لما أنذر شعيب قومهُ قال في نِذَارَتِهِ إياهم: ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ [هود: ٨٩]).
وقال ابن جرير: (﴿وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ﴾ يقول: وإن مدينة أصحابِ الأيكة، ومدينة قوم لوط.. لبطريق يأتمون بهِ في سفرهم، ويهتدونَ به ﴿مُبِينٍ﴾ يقول: يبينُ لمن ائتمَ به استقامتهُ، وإنما جعل الطريق إمامًا لأنه يُؤَمّ ويُتَّبع).


الصفحة التالية
Icon