بالعذاب، ذكرها رسول الله - ﷺ - مرجعه من تبوك حين بلغ ديار ثمود:
الوصية الأولى: لا تجوز السياحة في أماكن هلاك الأمم التي أنزل اللهُ بها عذابه.
أخرج الإمام أحمد بسند حسن عن أبي كبشة الأنماري قال: [لما كان في غزوة تبوك تسارع الناسُ إلى أهل الحجر يدخلون عليهم، فبلغ ذلكَ رسول الله - ﷺ - فنادى في الناس: الصلاة جامعة، قال: فأتيتُ رسول الله - ﷺ - وهو ممسك بعيره وهو يقول: ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم، فناداه رجل منهم: نعجب منهم يا رسول الله! قال: أفلا أنذركم بأعجب من ذلك؟ ! رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسدّدوا، فإن الله عز وجل لا يعبأ بعذابكم شيئًا وسيأتي قوم لا يَدفعون عن أنفسهم بشيء] (١).
الوصية الثانية: عبور تلك الأماكن عند الحاجة بسرعة وبكاء وتغطية للرؤوس.
أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي اللهُ عَنْهُما أن رسول الله - ﷺ - قال لأصحابهِ - يعني لما وصلوا الحِجْر: وهي ديار ثمود فيما بين المدينة والشام -: [لا تدخلوا على هؤلاء المعذَّبين إلا أن تكونوا باكينَ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم] (٢).
وفي رواية: (ثم قَنَّعَ رسول الله - ﷺ - رأسهُ وأسرع السير حتى أجاز الوادي).
وفي لفظ للبخاري: (ثم تَقَنَّعَ بردائه وهو على الرَّحل).
وفي لفظ لمسلم: (ثم زجَرَ فأسرع حتى خَلّفَها).
قال ابن القيم في "زاد المعاد" (٣/ ٥٦٠): (ومن هذا إسراعُ النبي - ﷺ - السير في وادي مُحَسِّر بين مِنَى وعَرَفة، فإنه المكان الذي أهلك الله فيه الفيل وأصحابه).
والخلاصة: إن أماكن العذاب تركها الله في الأرض ليعتبر البشر، فلا ينبغي المشي فيها والسياحةُ خلال آثارها، بل الأليق بها أن يمر المسلم فيها مسرعًا خائفًا من الله أن ينزل بأمته ما أنزل بتلك الأمم، من المصائِب والدمار والنقم.
(٢) حديث صحيح. انظر الروايات المختلفة في صحيح البخاري (٣٣٨١) - كتاب الأنبياء، وفي صحيح مسلم (٢٩٨٠) - كتاب الزهد والرقائق، وفي مسند أحمد (٢/ ٩)، (٢/ ٥٨).