الوصية الثالثة: عدم الشرب من بقية مياه تلك الأقوام أو استخدامها في الوضوء أو صنع الطعام.
ففي صحيح مسلم عن نافع أن عبدَ الله بن عمر أخبره: [أن الناس نزلوا مع رسول الله - ﷺ - على الحِجْرِ أرضِ ثمود فاستقوا من آبارها، وعجنوا بهِ العجين، فأمرهم رسول الله - ﷺ - أن يُهريقوا ما استقوا، ويَعْلِفوا الإبل العجين، وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقةُ] (١).
٨٥ - ٩٣. قوله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (٨٦) وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (٨٧) لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (٨٩) كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (٩١) فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٣)﴾.
في هذه الآيات: إِثْباتُ الله تعالى خلقه السماوات والأرض بالعدل والإنصاف، وأنَّ الساعة قادمةٌ فاصبر - يا محمد - على الدعوة واصفح الصفح الجميل. فربكَ الخلّاقُ لا يعجزهُ شيء وسيجمعُ الناس من قبورهم إلى مشهدِ الحشر الكبير. لقد آتاكَ ربكَ فاتحة هذا القرآن العظيم، وهي أعظم سورةٍ في الكتاب الكريم، فلا تتمنّين ما بأيدي بعض القوم من الزينةِ الفانية والمتاع الزائل المهين. وتواضع لمن تبعكَ من المؤمنين، وقل لمشركي قومك: إنما أنا نذير لكم مبين، أنذركم نحو العقاب الذي أنزلهُ الله تعالى على الأمم السابقة التي اقتسمت القرآن المنزل عليها فآمنت ببعضه وكفرت ببعض وسيسألهم ربهم أجمعين، عما كانوا يعملون.

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٩٨٠)، كتاب الزهد والرقائق. وانظر تفصيل هذا البحث والدروس والنتائج والأحكام الخاصة به في كتابي: السيرة النبوية على منهج الوحيين: القرآن والسنة الصحيحة - (في أعقاب غزوة تبوك - (٣/ ١٥٣٠ - ١٥٤٠)).


الصفحة التالية
Icon