الحديث الثاني: روى البخاري في صحيحه عن أبي سعيد بن المُعَلَّى قال: [كنتُ أصلي في المسجد فدعاني النبي - ﷺ - فلم أجبه حتى صليت ثم أتيته، فقلت: يا رسول الله! إني كنتُ أصلي، قال: ألم يقل الله: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ﴾ ثم قال: ألا أعلمكَ أعظم سورةٍ في القرآن قبل أن تخرجَ من المسجد؟ فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول الله! إنكَ قلتَ لأعلمنكَ أعظمَ سورةٍ من القرآن. قال: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته] (١).
الحديث الثالث: أخرج أبو داود والترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [الحمدُ لله رب العالمين، أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والقرآن العظيم] (٢).
وفي رواية للبخاري بلفظ: [أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم].
قال ابن كثير: (فهذا نص في أن الفاتحة السبع المثاني والقرآن العظيم، ولكن لا يُنافي وصفَ غيرها من السبع الطُّوَل بذلك، لما فيها من هذه الصفة، كما لا يُنافي وصفَ القرآنِ بكمالهِ بذلكَ أيضًا، كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ﴾ [الزمر: ٢٣]، فهو مثاني من وجه، ومتشابه من وجه، وهو القرآن العظيم أيضًا).
وقوله: ﴿لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ﴾. قال مجاهد: (الأغنياء الأمثال الأشباه). وقال ابن عباس: (يُنهى الرجل أن يتمنى مال صاحبه).
قال ابن جرير: (يقول: لا تَتَمَنَّيَنَّ يا محمد ما جعلنا من زينة هذه الدنيا متاعًا للأغنياء من قومكَ، الذين لا يؤمنون باللهِ واليوم الآخر، يتمتعونَ فيها، فإن منْ ورائهم عذابًا غليظًا).
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح سنن أبي داود (١٣١٠)، (١٣١١)، وانظر صحيح البخاري (٤٧٠٤) للرواية بلفظ: [أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم]، ورواه الترمذي. وفي الباب عنده عن أبي هريرة عن أُبَيّ بن كعب قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ما أَنْزَلَ الله في التوراة والإنجيلِ، مِثْلَ أمِّ القران، وهي السَّبْعُ المثاني، وهي مَقْسُومَةٌ بيني وبين عَبْدي، ولِعبدي ما سأل]. انظر صحيح سنن الترمذي - حديث رقم - (٢٤٩٩).