كما في التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾ [النمل: ٤٩]. وذلكَ في شأن قوم صالح. قال مجاهد: (تقاسموا: تحالفوا). وقال ابن زيد: (المقتسمون أصحاب صالح، الذين تقاسموا باللهِ لنبيتنه وأهله).
٢ - وقال تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ [النحل: ٣٨].
٣ - وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ﴾ [إبراهيم: ٤٤].
والخلاصة: كان من شأنِ المشركين في الأمم التي أرسل ديها الرسل أنهم لا يكذبون بشيء إلا أقسموا عليه، فسُمُّوا مقتسمين. وهم الذين جعلوا القرآن المنزل عليهم أعضاء يؤمنون ببعضه ويكفرون ببعضه حسب أهوائهم، فجاء نبينا محمد - ﷺ - ينذر أمتهُ بأمر من الله سبحانهُ ويحذرها من تقليد صنيع تلك الأمم.
وفي الصحيحين عن أبي موسى، عن النبي - ﷺ - قال: [إنما مثلي ومثلُ ما بعثني اللهُ بهِ كمثل رجلٍ أتى قومهُ فقال: يا قوم، إني رأيتُ الجيشَ بعينيَّ، وإني أنا النذيرُ العريانُ، فالنَّجاءَ النَّجاءَ! فأطاعهُ طائفة من قومهِ فأدلجوا وانطلقوا على مَهْلهم فنجوا، وكذَّبه طائفةٌ منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيشُ فأهلَكهم واجتاحَهُمْ. فذلكَ مثلُ من أطاعني واتَّبعَ ما جئتُ بهِ، ومثلُ من عصاني وكذّب ما جئتُ به من الحق] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
قال مجاهد: (عن لا إله إلا الله). وقال أبو العالية: (يُسألُ العبادُ كلهم عن خَلَّتين يوم القيامة: عما كانوا يعبدون، وعما أجابوا المرسلين).
قال البخاري: (وقال عِدة من أهل العلم في قوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ عن لا إله إلا الله).
قال النسفي: (أقسم بذاته وربوبيتهِ ليسأنن يوم القيامة واحدًا واحدًا من هؤلاء المقتسمين عما قالوه في رسول الله - ﷺ - أو في القرآن أو في كتب الله).