إِخْبارٌ من الله تعالى عن خلقه السماوات السبع وما فيهن، ومن الأرض مثلهن وما فيهن، وقد خلقهن بالحق لا للهزل واللعب، فكيف يشرك به بعد ذلك المشركون، ويعبدون من دونه ما لا يخلق ولا يضر ولا ينفع، ثم كان خلق الإنسان من ذلك الماء المهين، فلما ترعرع وكبر إذا هو لربه خصيم مبين، يكفر بنعمه ويجحد ألوهيته ويتبع سبيل الشياطين، ويحارب الصالحين والمرسلين.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ [يس: ٧٧ - ٧٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (٥٤) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا﴾ [الفرقان: ٥٤، ٥٥].
وفي صحيح سنن ابن ماجه ومسند الإمام أحمد عن بُسْر بن جحَّاش قال: [بصق رسول الله - ﷺ - في كفِّه، ثم قال: يقول الله تعالى: ابنَ آدم، أنّى تُعْجِزني وقد خلقتك مِن مثل هذه؟ ! حتى إذا سَوَّيْتُكَ فَعَدَلْتُكَ مَشَيْتَ بين بُرْدَيْكَ وللأرض منك وئيد، فجَمَعْتَ ومَنَعْتَ، حتى إذا بلغتِ الحلقوم قلتَ: أتصَدَّقُ، وأنّى أوانُ الصدقة] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾.
قال ابن عباس: (يعني بالدفء: الثياب، والمنافع: ما ينتفعون به من الأطعمة والأشربة). وقال أيضًا: (﴿دِفْءٌ وَمَنَافِعُ﴾، نَسْلُ كل دابة).
وعن مجاهد: (﴿لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ﴾ قال: لباس ينسج، ﴿وَمَنَافِعُ﴾: مركب ولحم ولبن). وقال أيضًا: (نتاجها وركوبها وألبانها ولحومها). وقال قتادة: (﴿دِفْءٌ وَمَنَافِعُ﴾، يقول: لكم فيها لباس ومنفعة وبُلْغَة).
وقوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾.
قال القاسمي: (﴿وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ﴾ أي زينة ﴿حِينَ تُرِيحُونَ﴾ أي تردونها من