الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٢٩)}.
في هذه الآيات: إثبات الله تعالى كفر المشركين بالتنزيل واتهامه بأنه أساطير الأولين، ليحملوا بذلك أوزارهم وأوزار من تبعهم من المبطلين، وقد مكر الذين من قبلهم فحرَّكَ الله قواعد بنيانهم لِيَخِرَّ السقف عليهم من حيث لا يشعرون، ثم يكون الخزي الأكبر والفضيحة يوم الدين على الكافرين، الذين تتوفاهم الملائكة ظالمين، ويقال لهم يوم القيامة ادخلوا أبواب جهنم خالدين، فلبئس مثوى المتكبرين.
فقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾. قال قتادة: (يقول: أحاديث الأولين وباطلهم). قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: وإذا قيل لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة من المشركين، ماذا أنزل ربكم، أيّ شيء أنزل ربكم، قالوا: الذي أنزل ما سطَّرَه االأوّلون من قبلنا من الأباطيل).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان: ٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: ٨، ٩].
٣ - وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (٢٠) ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ﴾ [المدثر: ١٨ - ٢٤].
وقوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾.
قال ابن عباس: (إنها كقوله: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾). وقال مجاهد: (يحملون أثقالهم: ذنوبهم وذنوب من أطاعهم، ولا يُخَفّف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئًا). قال ابن جرير: (﴿أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ يقول: ألا ساء الإثم الذي يأثمون، والثقل الذي يتحملون).
وقوله: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾.