وقوله: ﴿وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾.
قال القاسمي: (﴿وَمَا نَرَى لَكُمْ﴾ خطاب لنوح وأتباعه ﴿عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ﴾ أي تقدّم يؤهلكم للنبوة واستحقاق المتابعة، لأن الفضل محصور عندهم بالغنى والمال. ﴿بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ أي فيما تدعونه من الإصلاح وترتب السعادة والنجاة عليه).
٢٨ - ٣١. قوله تعالى: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (٢٨) وَيَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٩) وَيَاقَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٣٠) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١)﴾.
في هذه الآيات: ذِكْرُ الله تعالى جواب نوح - ﷺ - إلى قومه: أرأيتم أيها القوم إن كنت على يقين برحمة الله المهداة إليّ وهي النبوة التي خفيت عليكم، ولم تقدروا حقها بل قابلتموها بالسخرية والتكذيب، فكيف لي أن أجبركم عليها وأنتم لها كارهون. يا قوم إني لا أبتغي من دعوتي لكم مالًا بل أجري على الله ولا يمكنني طرد المؤمنين الصادقين، وإنما أنتم قوم تجهلون. ثم يا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون. إني لا أملك خزائن السماوات ولا أعلم الغيب ولست بملك ولا أتجرأ القول على الله أن هؤلاء الذين تزدرون لن ينالوا من الله خيرًا، فالله أعلم بأنفسهم، فإني إن تجرأت على ذلك كنت من الظالمين.
فقوله: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ﴾. قال ابن جريج: (قال نوح: ﴿يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي﴾، قال: قد عرفتها، وعرفت بها أمره، وأنه لا إله إلا هو، ﴿وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ﴾، الإسلام والهدى والإيمان والحكم والنبوة).
وقوله: ﴿أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ﴾. قال قتادة: (أما والله لو استطاع نبيُّ الله - ﷺ - لألزمها قومه، ولكن لم يستطع ذلك ولم يملكه).


الصفحة التالية
Icon