وفي لفظ: [فإنها فَضَلَتْ عليها بتسعة وستين جزءًا، كُلُّهُنَّ مثلُ حرِّها].
الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة، وعن أبي سعيد قالا: قال رسول الله - ﷺ -: [يُؤتى بالعبد يوم القيامة فيقول له: ألمْ أَجْعَلْ لك سمعًا وبصرًا ومالًا وولدًا، وسَخَّرْتُ لك الأنعام والحرثَ، وتركْتُكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ، فكنتَ تَظُنُّ أنك مُلاقِيَّ يَوْمَكَ هذا؟ فيقول: لا. فيقول له: اليوم أنْساك كما نسيتني] (١).
الحديث الثالث: يروي الطبراني بإسناد حسن عن أبي أمامة، عن النبي - ﷺ - قال: [صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وكل غال مارق] (٢).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: إنا إذا أردنا أن نبعث من يموت فلا تعب علينا ولا نصب في إحيائنا لهم، ولا في غير ذلك مما نخلق ونكوّن ونحدث، لأنا إذا أردنا خلقه وإنشاءه، فإنما نقول له: كن فيكون، لا معاناة فيه، ولا كُلفة علينا).
٤١ - ٤٢. قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١) الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٤٢)﴾.
في هذه الآيات: إِثْبَاتُ الله تعالى سعادة المهاجرين، الذين ظُلِمُوا في سبيل الله وصبروا وعلى ربهم يتوكلون.
فقوله: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾.
أي: إن مفارقة الأقوام وهجرة الأوطان فرارًا بالدين من ظلم الطغاة أجره عظيم عند الله، ويُهَيِّئ الله لأهله في الدنيا مسكنًا يرضونه صالحًا. وقيل في سبب ذلك أمران:
١ - قال قتادة: (هؤلاء أصحاب محمد ظلمهم أهل مكة، فأخرجوهم من ديارهم،
(٢) حديث حسن. أخرجه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، كما ذكر الهيثمي في "المجمع": (٥/ ٢٣٥)، وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (٤/ ١)، وانظر السلسلة الصحيحة (٤٧١).