قال ابن جرير: (﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ﴾ أو يهلكهم في تصرّفهم في البلاد، وتردّدهم في أسفارهم ﴿فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾ يقول جل ثناؤه: فإنهم لا يعجزون الله من ذلك إن أراد أخذهم كذلك).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾ [الأعراف: ٩٧، ٩٨].
٢ - وقال تعالى: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾ [آل عمران: ١٩٦، ١٩٧].
وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته. ثم قرأ رسول الله - ﷺ -: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [هود: ١٠٢]] (١).
وقوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: إن شئت أخذته على أثر موت صاحبه وتخوّف بذلك).
وقال الضحاك: (يعني: يأخذ العذاب طائفة ويترك أخرى، ويعذّب القرية ويهلكها، ويترك أخرى إلى جنبها).
قال ابن كثير: (﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾، أي: أو يأخذهم الله في حال خَوفهم من أخذه لهم، فإنه يكونُ أبلغَ وأشدَّ حالة الأخْذِ، فإن حصولَ ما يُتَوقَّع مع الخوف شديد. ثم قال تعالى: ﴿فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾، أي: حيث لم يعاجلكم بالعُقوبة، كما ثبت في الصحيحين: "لا أحد أصبرَ على أذىً يسمعه من الله، إنهم يجعلون له ولدًا وهو يرزقهم ويعافيهم").
وقوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾.
إِخْبَارٌ من الله تعالى عن سجود كل ذي ظلٍّ لله تعالى بكرة وعشيًا. قال قتادة: (أما اليمين: فأول النهار، وأما الشمال: فآخر النهار). وقال: (ظل كل شيء سجوده).