وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود بسند صحيح عن أبي تميمة، عن رجل من قومه، أنه أتى رسول الله - ﷺ -، أو قال: شهدت رسول الله - ﷺ - وأتاه رجل فقال: أنت رسول الله أو قال: أنت محمد؟ فقال: نعم. قال: فإلامَ تدْعو؟ قال: [أدعو إلى ربك الذي إن مسَّكَ ضر فدعوته كشفَ عنك، والذي إن أضللت بأرض قفرٍ فدعوته ردّ عليك، والذي إن أصابتك سنة فدعوته أنبت لك] (١).
وقوله تعالى: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾.
قال ابن كثير: (قيل: "اللام" ها هنا لام العاقبة. وقيل: لام التعليل، بمعنى قَيَّضنا لهم ذلك ليكفروا، أي: يستروا ويجحدوا نعمة الله عليهم، وأنه المُسْدي إليهم النعم، الكاشف عنهم النِّقَم. ثم توعّدهم قائلًا: ﴿فَتَمَتَّعُوا﴾، أي: اعملوا ما شئتم وتمتعوا بما أنتم فيه قليلًا، ﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾، أي: عاقبة ذلك).
٥٦ - ٦٠. قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٥٩) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦٠)﴾.
في هذه الآيات: إثبات الله تعالى جهالة المشركين، في صرف الأموال للأصنام وجعل البنات لله ولهم ما يشتهون، وإذا بشر أحدهم بالأنثى لجأ إلى الوأد خشية عار الجاهلين، إنه للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم.
فقوله: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾. إخبار من الله تعالى عن نوع آخر من جهالات المشركين وقبائحهم، فيجعلون لما لا يعلمون أنه يضر وينفع - وهي أصنامهم وأوثانهم - شيئًا من أموالهم يتقربون به إليه. وقيل بل الضمير في ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ يعود على