الأوثان. والتقدير: ويجعل هؤلاء المشركون للأصنام التي لا تعلم شيئًا نصيبًا. وكلا المعنيين محتمل.
فَعَن مجاهد: (﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ قال: يعلمون أن الله خلقهم، ويضرّهم وينفعهم ثم يجعلون لما لا يعلمون أنه يضرهم ولا ينفعهم نصيبًا مما رزقناهم).
وقال قتادة: (هم مشركو العرب، جعلوا لأوثانهم نصيبًا مما رزقناهم، وجزءًا من أموالهم يجعلونه لأوثانهم).
وقال ابن زيد: (جعلوا لآلهتهم التي ليس لها نصيب ولا شيء، جعلوا لها نصيبًا مما قال الله من الحرث والأنعام، يسمون عليها أسماءها ويذبحون لها).
وفي التنزيل: ﴿فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ﴾ [الأنعام: ١٣٦].
وقوله: ﴿تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ﴾.
أي: والله لتسألن معشر المشركين عما تختلقون من الباطل والإفك على الله بدعواكم له شريكًا، وتصييركم لأوثانكم فيما رزقكم نصيبًا، ثم ليعاقبكم عقوبة تكون جزاءً لكفرانكم نعمه وافترائكم عليه. - ذكره ابن جرير.
وقوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: يجعلون لله البنات ترضونهنّ لي، ولا ترضونهنّ لأنفسكم، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا وُلِدَ للرجل منهم جارية أمسكها على هون، أو دسّها في التراب وهي حية). وقال: (﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ قال: حزين). وقال الضحاك: (الكظيم: الكميد). وقال قتادة: (هذا صنيع مشركي العرب، أخبرهم الله تعالى ذكره بخبث صنيعهم فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله له، وقضاء الله خير من قضاء المرء لنفسه، ولعمري ما يدري أنه خير، لرُبّ جارية خير لأهلها من غلام. وإنما أخبركم الله بصنيعهم لتجتنبوه وتنتهوا عنه، وكان أحدهم يغذو كلبه، ويئد ابنته).


الصفحة التالية
Icon