جريج: (قوله: ﴿وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ﴾، التي لا يفنيها شيء، فأكون إنما أدعوكم لتتبعوني عليها، لأعطيكمْ منها، ولا أقول: إني ملك نزلت من السماء برسالة، ما أنا إلا بشر مثلكم، ولا أعلم الغيب، ولا أقول اتبعوني على علم الغيب).
وقوله: ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾.
قال القرطبي: (أي ليس لاحتقاركم لهم تبطل أجورهم، أو ينقص ثوابهم. ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ فيجازيهم عليه ويؤاخذهم به. ﴿إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ إن قلت هذا الذي تقدم ذكره).
٣٢ - ٣٥. قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥)﴾.
في هذه الآيات: استعجال قوم نوح العذاب والوعيد، وردّ نوح - ﷺ - أمر ذلك إلى الله، ومواجهته قومه أنكم لستم بمعجزين. وأن نصحي لكم لا ينفعكم إن كان الله قضى في سابق علمه إضلالكم لفساد قلوبكم وهو العليم الحكيم. أم يقول هؤلاء أو قومك يا محمد: افتراه، فأخبرهم إن جزاء افترائي سيحيق بي، كما سيحيق بكم نكال إجرامكم.
فقوله: ﴿قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا﴾. قال مجاهد: (ماريتنا).
وقوله: ﴿فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾. قال ابن جريج: (تكذيبًا بالعذاب، وأنه باطل).
وقوله: ﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ - يعني قد خاصمتنا فأكثرت خصومتنا ومحاجّتنا، فإن كنت صادقًا في دعواك أنك رسول لله فأت بالعذاب واستعجل الوعيد.
وقوله تعالى: ﴿قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ﴾. يعني: إن الذي بيده


الصفحة التالية
Icon