وضمها من ﴿وَمُرْسَاهَا﴾. في حين قرأ عامة قراء المدينة والبصرة: "بسم الله مُجْراها ومُرْساها" كلاهما بضم الميم. وقرأ أبو رَجَاء العَطَاردي: "بسم الله مُجْرِيها وَمُرْسِيها" بضم الميم فيهما، ويصيرهما نعتًا لله.
قلت: وذكر الله عند بداية الإقلاع على الدابة وفي السفر وكذلك التسمية عند ابتداء الأمور مشروع في الكتاب والسنة.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ [المؤمنون: ٢٨، ٢٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾ [الزخرف: ١٢ - ١٤].
ومن السنة الصحيحة في آفاق ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم في صحيحه وأبو داود في سننه عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: [أن النبي - ﷺ - كان إذا ركب راحلته كبَّر ثلاثًا ثم قال: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (١٣) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ﴾. ثم يقول: اللهمَّ، إني أسألك في سَفَري هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى. اللهم هوِّن علينا السفر واطْوِ لنا البعيد. اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل. اللهم اصحَبنا في سَفَرنا، واخلُفنا في أهلنا]. وكان إذا رجع إلى أهله قال: "آيبون تائبون إن شاء الله، عابدون، لربنا حامدون" (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي لاسٍ - محمد بن الأسود بن خلفٍ - الخزاعي قال: [حملنا رسول الله - ﷺ - على إبلٍ من إبل الصدقة إلى الحج، فقلنا: يا رسولَ الله، ما نرى أن تحملنا هذه! فقال - ﷺ -: ما من بعير إلا في ذرْوَتِه شيطانٌ، فاذكروا اسم الله عليها إذا ركبتموها كما آمركم، ثم امتهِنُوها لأنفسكم، فإنما يحمل الله عز وجل] (٢).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٢٢١)، والطبراني (٢٢/ ٣٣٤)، وللحديث شواهد.