الحديث الثالث: أخرج أحمد والدارمي وابن حبان بسند حسن من حديث أسامة بن زيد عن محمد بن حَمْزَة: أنه سمع أباه يقول: سمعت رسول الله - ﷺ -[يقول: على ظهر كُلِّ بعير شيطانٌ، فإذا ركبتموها فسمّوا الله عز وجل، ثم لا تُقَصِّروا عن حاجاتكم] (١).
وقوله: ﴿إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. قال القرطبي: (أي لأهل السفينة).
وذكر المغفرة والرحمة هنا مناسب عند ذكر الانتقام من الكافرين بإغراقهم أجمعين. وفي التنزيل نحو هذا كثير:
١ - قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأعراف: ١٦٧].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [الرعد: ٦].
٣ - وقال تعالى: ﴿نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ﴾ [الحجر: ٤٩، ٥٠].
وفي مسند البزار بسند حسن عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: [قال الله تعالى: وعزتي وجلالي لا أجمع لعبدي أمنين ولا خوفين، إن هو أمنني في الدنيا أخفته يوم أجمع عبادي، وإن هو خافني في الدنيا أمَّنْتُهُ يوم أجمع عبادي] (٢).
وقوله: ﴿وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ﴾. قال ابن كثير: (أي: السفينة سائرةٌ بهم على وجه الماء، الذي قد طَبَّقَ جميع الأرض، حتى طَفَت على رؤوس الجبال).
وقال النسفي: (يريد موج الطوفان، وهو جمع موجة كتمر وتمرة، وهو ما يرتفع من الماء عند اضطرابه بدخول الرياح الشديدة في خلاله، شبه كل موجة منه بالجبل في تراكمها وارتفاعها).
وقوله: ﴿وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ﴾.
أي: ونادى نوح ابنه يام، وهو كما رُوي الابن الرابع، وكان كافرًا، فانعزل عن أبيه وعن السفينة، فدعاه أبوه نوح - ﷺ - ليؤمن ويركب وينجو مع الناجين ولا يكون مع الهالكين فأبى.
(٢) حديث حسن. أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٩٨)، وأخرجه البزار (انظر الهيثمي في "المجمع" ١٠/ ٣٠٨)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (٧٤٢).