إلى موسى فأخبرته فقال: ارجع إلى ربك فسَلْهُ التخفيف. فقال رسول الله - ﷺ -: فقلت قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه] (١).
فوائد ونتائج من حادثة الإسراء والمعراج، وذِكْرُ ما روي من الآيات الكبرى في تلك الرحلة:
١ - لم ير النبي - ﷺ - ربَّه، وقوله: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾، ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ صحّ عن النبي - ﷺ - أن هذا المرئي جبرائيل، رآه مرتين على صورته التي خلق عليها.
٢ - قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ دليل على أن الإسراء كان بجسده عليه الصلاة والسلام في اليقظة، فالعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح، هذا هو المعروف عند الإطلاق وهو الصحيح، ولا يمتنع عقلًا، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه لو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة ومن ثمَّ إنكار النبوة.
٣ - فإن قيل: ما الحكمة من الإسراء لبيت المقدس أولًا؟ قيل: إنه كان إظهارًا لصدق دعوى الرسول - ﷺ - المعراج، وذلك حين سألته قريش عن نعت بيت المقدس فوصفه لهم.
ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أُثْبتها، فَكُرِبْتُ كربًا ما كربت مثله، فرفعه الله لي أنظرُ إليه، ما يسألوني عن شيء إلا أنبأتهم] (٢).
٤ - في حديث المعراج إثبات صفة العلو لله سبحانه.
فقوله عليه الصلاة والسلام - كما في حديث أنس الذي رواه مسلم -: [ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل] إثبات لصفة العلو، كما قال سبحانه في سورة السجدة: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾.
٥ - في الإسراء نعت لبعض صفات بعض الرسل، ولقاء مالك خازن النار.
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح مسلم (١/ ١٥٦ - ١٥٧)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ١٣٢) - لمزيد من التفصيل. وكذلك بحثه: "الإسراء والمعراج" في كتابي: السيرة النبوية (١/ ٣٦٠).