﴿أَعْتَدْنَا لَهُمْ﴾ يقول: أعددنا لهم، لقدومهم على ربهم يوم القيامة ﴿عَذَابًا أَلِيمًا﴾ ويعني موجعًا، وذلك عذاب جهنم).
وقوله تعالى: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾.
قال ابن عباس: (يعني قول الإنسان: اللهم العنه واغضب عليه، فلو يُعَجل له ذلك كما يُعجل له الخير، لهلك). وقال قتادة: (يدعو على ماله، فيلعن ماله وولده، ولو استجاب الله له لأهلكه). وقال أيضًا: (يدعو على نفسه بما لو استجيب له هلك، وعلى خادمه، أو على ماله). وقال مجاهد: (ذلك دعاء الإنسان بالشر على ولده وعلى امرأته، فيعجل، فيدعو عليه، ولا يحب أن يصيبه). وقال ابن عباس: (﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾ قال: ضَجرًا لا صَبر له على سراء ولا ضرّاء).
وفي التنزيل نحو ذلك، قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ﴾ [يونس: ١١].
وفي صحيح مسلم من حديث جابر قال: [سِرْنا مع رسول الله - ﷺ - في غزوة بَطْنِ بُواط، وهو يَطْلُبُ المَجْديَّ بنَ عَمْرٍو الجُهنيَّ، وكان الناضِحُ يَعْقُبُه منا الخمسةُ والسِّتةُ والسَّبْعةُ، فدارتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأنصارِ على ناضِحٍ له، فأناخَهُ فرَكِبَهُ، ثم بعثَهُ فتَلَدَّنَ عليه بعضَ التلدُّن، فقال له: شَأْ (١) لعنك الله، فقال رسول الله - ﷺ -: مَنْ هذا اللاعِنُ بعيرَهُ؟ قال: أنا، يا رسول الله! قال: انْزِل عنه، فلا يَصْحَبْنا ملعون، لا تَدْعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تَدْعوا على أموالكم، لا تُوافِقوا من الله ساعة يُسْألُ فيها عطاءٌ فيستجيب لكم] (٢).
قال النسفي: (﴿وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾ يتسرع إلى طلب كل ما يقع في قلبه ويخطر بباله، لا يتأنى فيه تأني المتبصر. أو أريد بالإنسان الكافر وأنه يدعوه بالعذاب استهزاء ويستعجل به كما يدعو بالخير إذا مسته الشدة، وكان الإنسان عجولًا، يعني أن العذاب آتيه لا محالة فما هذا الاستعجال).
وقوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا﴾.
قال ابن عباس: (كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، والقمر آية الليل، والشمس

(١) كلمة زجر للبعير.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٣٠٠٩) - كتاب الزهد. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (٥٧٤٢).


الصفحة التالية
Icon