إلا بعمله). قلت: إلا أن يكون من دعاة الإثم والضلالة، أو الابتداع في الدين، فإنه يحمل أوزار من أضَلّهم إضافة إلى أوزاره، عدلًا من الله تعالى.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [العنكبوت: ١٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل: ٢٥].
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله - ﷺ - قال: [مَنْ دعا إلى هدى، كان له مِنَ الأجرِ مثلُ أجورِ من تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلك من أجورهم شيئًا، ومَنْ دعا إلى ضلالة، كان عليه من الإثم مِثْلُ آثامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلك مِنْ آثامهم شيئًا] (١).
وفي صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله، قال رسول الله - ﷺ -: [مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَةً حَسَنَةً، فعُمِلَ بها بَعْدَهُ، كُتِبَ له مِثْلُ أجْرِ من عَمِلَ بها، ولا يَنْقُصُ مِنْ أجورهم شَيْءٌ، ومَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً سيئةً، فَعُمِلَ بها بَعْدَهُ، كتِبَ عليه مثلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بها، ولا يَنْقُصُ مِنْ أوزارهم شيءٌ] (٢).
وقوله: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾. قال قتادة: (إن الله تبارك وتعالى ليس يعذب أحدًا حتى يسبق إليه من الله خبر، أو يأتيه من الله بيِّنَة، وليس معذبًا أحدًا إلا بذنبه).
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: وما كنا مهلكي قوم إلا بعد الإعذار إليهم بالرسل، وإقامة الحجة عليهم بالآيات التي تقطع عذرهم).
وفي التنزيل من أمثلة ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ﴾ [الملك: ٨، ٩].
٢ - وقال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في صحيحه - حديث رقم - (٢٦٧٤) - كتاب العلم - باب من سنَّ سنة حسنة أو سيئة، ومن دعا إلى هدى أو ضلالة.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم - حديث رقم - (١٠١٧)، كتاب العلم، الباب السابق، وله قصة.


الصفحة التالية
Icon